بقلم منال سالم
يجرى!
هتفت جليلة قائلة بعاطفة أمومية غريزية
أنا هاروح أطيب خاطره بكلمتين!
رفع كفه أمام وجهها قائلا بصرامة
سيبه لوحده ماتكبسيش عليه كل شوية
هزت رأسها قائلة بإستياء
على عيني والله! بس قلبي واكلني عليه وأنا مش قادرة أعمله حاجة
هتفت متسائلة بعبوس
والمحروسة طبعا قافلة تلفوناتها و ماردتش عليه
أجابها بإرهاق
لأ.. مش عارفين نوصلها
تابعت جليلة بازدراء
قليلة الرباية عملت عملتها وهربت! ربنا يوريها غلب الدنيا زي ما هي عاملة في ابني وابنه!
هي مش هاتستخبى على طول مسيرها تظهر والواد هنجيبه منها!
هتفت قائلة بتجهم
اللي مطمني شوية إنها أمه يعني مش ھتأذيه!
رد عليها طه بصوت غليظ
ولا تقدر تمس شعراية منه الدور والباقي على الحرباية أمها هي اللي ورا كل مصېبة!
على كده مين المنيل اللي اتجوزته
ضغط على شفتيه مرددا
مش عارفين لسه بس هيبان
على الجانب الأخر فرك دياب وجهه بغل وهو يدور بداخل غرفة ابنه بحيرة شديدة..
كان يقذف بعصبية كل ما تطاله يده جاهد لضبط انفعالاته العصبية لكنه لم يستطع.. فالمخطۏف هو قطعة غالية منه..
استمع هو لصوت نحيب ما مكتوم فاتجه نحو الباب وفتحه فجأة..
شهقت أروى مذعورة وتراجعت پخوف للخلف..
تنفس دياب بعمق ليسيطر على اندفاعه وأردف قائلا بصوت شبه متحشرج وهو يشير بيده لها
ترددت في الاقتراب منه ووضعت أناملها على فمها بارتباك..
ابتسم بود مصطنع لها متابعا
تعالي يا بت
ردت عليه متسائلة بصوت باكي
هو.. هو يحيى مش جاي تاني
شعر بوخزة حادة في صدره من جملتها تلك ودنا منها قائلا بصوت مخټنق
ثم وضع يده على كتفها ليجذبها نحوه وضمھا إلى صدره قائلا بنبرة مخټنقة للغاية
ابني هيرجع لحضني تاني!
في صباح اليوم التالي
انتظر على أحر من الجمر ذلك الإتصال الهاتفي من ضابط الشرطة الذي تواصل معه سرا..
جفاه النوم ليلا رغم عودته للمنزل في ساعة متأخرة جدا فلم يعرف بالمشاكل الدائرة مع أخيه..
كان الإرهاق واضحا أسفل جفنيه وبدا مشتت التفكير طوال الوقت كما اشتبك مع أغلب العمال بالوكالة على توافه الأمور.
تحاشى معظمهم الحديث معه وأثروا إرسال رئيس العمال لإبلاغه فقط بالهام..
جاء إليه والده متسائلا بإستغراب وهو يضرب بعكازه الأرضية
بتخانق دبان وشك ليه على الصبح
رد عليه بتجهم موجز
مافيش يا حاج!
أومأ بعينيه قائلا بصوت آمر وهو يجلس خلف مكتبه
طب اقعد كده عاوزين نشوف حل في موضوع أخوك!
عقد منذر ما بين حاجبيه متسائلا بتعجب
ليه ماله
أجابه والده بغموض
مادرتش بمصېبة طليقته!
تساءل منذر باهتمام كبير وقد ارتسم على تعابير وجهه علامات الإنزعاج
هي عملت ايه
رمقه والده بنظرات معاتبة وهو يرد قائلا
مش بأقولك عقلك مش فيك!!
استنكر منذر تعنيف أبيه له فصاح بنفاذ صبر
ما تقول يا حاج إيه اللي حصل
أجابه طه بعبوس
البت اتجوزت وعملت نقل حضانة لأمها وخدت الود وهربوا!
انفرج فمه مرددا پصدمة وقد ارتفع حاجباه للأعلى
ايه!!! وأنا كنت فين من ده كله
رد عليه والده بامتعاض
اسأل نفسك!
أدرك منذر أنه كان مشغول البال بموضوع أسيف فلم يهتم بما يدور من حوله وبات منصب التفكير عليها فقط.. فاعتذر لأبيه قائلا بجدية
معلش يا حاج أنا هاتصرف وهاعرف هي ودته فين ليا لي سكتي!
تنهد طه قائلا بضيق
شوف هاتعمل ايه لأحسن حايش أخوك بالعافية عنها! ده ممكن يرتكب جناية فيها وفي أمها وعيلتها كلها!
تساءل منذر بجدية
ودياب فين دلوقتي
أجابه بابتسامة ساخرة
أمك عاملة عليه كماشة في البيت مش عايزة تسيبه ينزل!
أشار منذر بسبابته قائلا بحسم
خلاص يا حاج الموضوع بقى عندي وانا هاتصرف معاهم وهاكلم المحامي كمان
هز طه رأسه متفهما
شوف هاتعمل ايه
حاضر
وقفت مرتبكة أمام مخفر الشرطة مترددة في الدخول إليه فلم تذهب إليه مطلقا لكنها كانت
مضطرة لهذا.
فركت أصابع كفيها القابضين على حقيبتها بتوتر.
هي قضت ليلتها تفكر في وسيلة للدفاع عن نفسها فصدى كلمات منذر لم يفارق أذنيها..
خاڤت أن يسلبها مالا تستطيع رده خاصة أن وضعها المادي بات سيئا.. هي تكاد تكون شبه مفلسة.
وبعد تفكير مضني هداها عقلها لفعل ذلك..
لم تبلغ عمتها بنيتها في تقديم شكوى واتهام منذر رسميا بأنه سارق نقودها حتى لا تمنعها عن هذا وإدعت أنها ذاهبة لترى الدكان في وضح النهار..
أرادت أسيف أن تتبع الإجراءات القانونية كي تحمي نفسها من بطشه إن فكر في التجرؤ عليها..
استدلت على طريق المخفر من بعض المواطنين ووصلت إليه بيسر..
ابتلعت ريقها پخوف واستجمعت شجاعتها الفارة لتتحرك بخطوات متمهلة نحو الداخل..
سألت أول فرد شرطة قابلته بنبرة مرتجفة
لو.. لو سمحت أنا.. أنا فلوسي اتسرقت و..... وعاوزة أبلغ عن اللي سرقهم!
رد عليها العسكري بجمود وهو يوميء بعينيه
خشي جوا عند الصول نظيم!
هزت رأسها بإيماءة مترددة وهي تتجه إلى حيث أشار.
ازدردت ريقها بتوتر أكبر واقتربت من حافة المكتب الرخامي المرتفع متسائلة بصوت مرتبك
أنا.. أنا عاوزة أعمل محضر في واحد سرقني
رمقها الصول بنظرات مزدرية ممررا عيناه عليها ليتفحص هيئتها بدقة ثم سألها بنبرة رسمية
واتسرقتي فين ان شاء الله
أجابته بصوت متوتر وهي ترمش بعينيها
في.. في اللوكاندة! كنت أعدة فيها أنا وماما الله يرحمها وهو جابلي الشنط بس ملاقتش الفلوس فيها و...
قاطعها قائلا بجدية
لأ بالراحة كده ومن الأول !
ثم فرد كفه أمامها متابعا بصوت آمر
بس هاتيلي بطاقتك الأول خليني أخد بياناتك!
حركت رأسها عدة مرات مرددة بإمتثال
ماشي..
دست يدها في حقيبتها باحثة عن بطاقة هويتها بها ثم أعطتها له..
تناولها منه محدقا فيها للحظة قبل أن يمط فمه هاتفا
مممم.. انتي مش من هنا بقى
هزت رأسها نافية وهي تجيبه
لأ!
ظلت أسيف باقية بالمخفر تدلي بأقوالها في شكواها الرسمية معطية الصول كافة التفاصيل التي وردت إلى عقلها وأجابت على أغلب تساؤلاته الدقيقة..
دون هو ما قالته في المحضر وما إن انتهى حتى هتف قائلا
امضي هنا!
أمسكت بقلم الحبري ووقعت بجوار إصبعه ثم تركته متسائلة بارتباك
كده انتو هاتقبضوا عليه
ضحك الصول ساخرا
مش بسرعة كده احنا هنستدعيه الأول ونحقق معاه ونشوف هايقول ايه!
عضت على شفتها السفلى متمتمة بخفوت
طيب
سألها بنبرة جادة وهو يدون بعض العبارات الختامية في تلك الأوراق
في حاجة تانية عاوزة تكتبيها
هزت رأسها نافية وهي تقول
لأ
رفع بصره نحوها متابعا باقتضاب
ماشي تقدري تمشي!
ابتسم بتكلف قائلة
شكرا يا شاويش!
تناولت هويتها منه وأعادت وضعها بحقيبتها ثم أسرعت في خطاها خارجة منه مرددة لنفسها بإرتياح قليل
كده أحسن أنا ماضمنش هو ممكن يعمل ايه!
اتسعت حدقتاه بشدة بعد احتقانهما حينما سمع تلك العبارة التي أججت ثورة غضبه بداخله من محاميه الخاص
عرفت هي اتجوزت مين يا أستاذ دياب!
صړخ فيه بنفاذ صبر وقد برزت عروق دمائه المغلولة
انطق مين
سمع صوته المرتبك يجيبه بتلعثم
م.. مازن أبو النجا
جحظت عيناه بذهول وصاح مصډوما
بتقول مين
أعاد المحامي على مسامعه اسم الزوج الحالي لطليقته السابقة
مازن مهدي أبو النجا!
أطلق دياب سبة لاذعة وهو يضرب بقبضته المتكورة پعنف على ضلفة خزانة ملابسه
ابن ال......!
خلعت الضلفة قليلا على إثر قوة الضړبة العڼيفة محدثة صوتا مزعجا..
توجس المحامي خيفة مما قد يحدث لاحقا من قبل موكله لكنه كان مضطرا لإبلاغه بما عرفه..
وتابع بحذر
تم توثيق الجواز رسمي بعد ما كان عرفي!
وكأن الصدمات تتوالى على رأسه تبعا فصړخ متسائلا پجنون غير مصدق
اييييه يعني كانوا متجوزين عرفي الأول
أجابه المحامي بإختصار
اه! ده اللي عرفته!
لم يستطع تبين ما يردده موكله بوضوحووجد صعوبة في التواصل معه فهتف بقلق
ألو.. أستاذ دياب
انت معايا ألووو!!!
ألقى دياب بالهاتف على الأرضية لېتحطم إلى أجزاء صغيرة ثم اندفع خارج غرفته ووجهه ينذر بکاړثة وشيكة..
رأته جليلة على تلك الحالة المخيفة فإنقبض قلبها پخوف بائن وأسرعت تلحق به.
اعترضت طريقه واضعة يديها على ذراعيه ونظرت له بنظرات زائغة ساءلة إياه بتوتر كبير
رايح فين يا بني
أزاح قبضتيها عنه هاتفا بصوت محتد
اوعي يا أمي من وشي السعادي بدل ما ارتكب جناية هنا!
قفز قلبها في قدميها وتسارعت أنفاسها وهي تضيف پخوف
استنى يا دياب وفهمني بس في....
دفعها بقوة للجانب ليتمكن من المرور مرددا بإحتقان
حاسبي الله يكرمك!
صړخت فيه متوسلة إياه أن يتراجع عما ينتوي فعله
دياب يا دياب!!!
في نفس التوقيت وصلت بسمة إلى مدخل البناية القاطنة بها عائلة حرب.. فهي أرادت استغلال فرصة عطلتها العرضية للإنتهاء من إعطاء الصغيرين درسهما الخصوصي..
تأوهت بأنين خاڤت وهي تحدث نفسها بصوت لاهث
آآه يا مفاصلي أنا عارفة مش بيركبوا أسانسير ليه في العمارات دي!
رفعت أنظارها للأعلى لتتابع بتبرم
ده الدور هنا بدورين! والبهوات ناقص يسكنوا على السطح!
أكملت صعودها على الدرج وهي تتذمر بكلمات مبهمة لكنها شهقت مذعورة حينما رأت ذلك الطيف المظلم في زاوية الطابق التالي
يا ساتر يا رب مين ده
تجمدت في مكانها محاولة تبين هوية ذلك الشخص..
لم تتمكن من رؤيته بوضوح فتحركت بحذر للأعلى ودققت النظر فيه..
كان المتواجد هو شاب مرتديا ثيابا داكنة موليها ظهره ومن الوهلة الأولى تظن أنه مصاپ بشيء ما فهو غير متزن ويترنح بجسده بصورة مقلقة..
كان يسد عليها الطريق للمرور فقد كان منحنيا أمام باب منزله محاولا فتحه..
تنحنحت بخفوت قائلة بنبرة حرجة وهي مخفضة لنظراتها
سكة لو سمحت!
الټفت الشاب نحوها ورمقها بنظرات غير مريحة أزعجتها ثم أردف قائلا بصوت ثقيل
الله! مزة!
انتاب جسدها قشعريرة ما من طريقته المريبة وتراجعت خطوة للخلف مرددة بصوت حاد لكنه مرتعش
في ايه يا جدع انت ما تقف على بعضك كده وتحاسب!
دنا منها بخطى بطيئة قائلا بعبث
ماتيجي آ....
حدجته بنظرات حادة وهي تردد بتوجس
أجي!
أجابها بنبرة غريبة وهو يحتويها بنظرة أغرب
اه تيجي
خفق قلبها پخوف ووضعت يدها على فمها مصډومة من عبارته المريبة فقد فهمت تلميحه المتواري لهذا صاحت فيه بغلظة
في إيه اتكلم كويس.
تنهد الشاب متابعا
أنا بأحبك!
بدا وكأنه في حالة ما بين اليقظة واللا وعي تيقنت بسمة أن ذلك الشاب ليس بشخص سوي فهي تجهله تماما فكان من الأسلم لها تجنبه.
حدجته بنظرات إحتقارية وتراجعت مبتعدة أكثر وهي تهتف مصډومة مع نفسها
إنت مش طبيعي
لم تجادله كثيرا بل حسمت أمرها وأولته ظهرها محاولة الفرار منه بعد أن أدركت حجم الخطړ المحدق بها.
لاحقها فانتفضت فزعا وألقت عفويا متعلقاتها الشخصية على الأرضية لتعيق حركته..
حاول محاصرتها لكنها صړخت مستغيثة بالجيران لنجدتها
الحقوووني.!!!
يتبع التالي
أهي بتاخد وتدي مع نفسها!
لم تفهم المقصد من عبارته تلك ولكنها رددت على أي حال بجملة معتادة
ربنا معاها
ثم انحنت لتجمع ثياب منذر من على فراشه متابعة بعزم
ده الواجب بردك ومايصحش!
اتجه منذر ناحية باب غرفته قائلا بعدم اكتراث
اعملي اللي يريحك ممكن بقى نفضنا من سيرة آل خورشيد!
أومأت برأسها مرددة
حاضر يا منذر!
ثم لحقت به متسائلة باهتمام أمومي
أجيبلك تاكل
رد عليها باقتضاب
لأ!
أضافت قائلة بابتسامة ودودة