رواية جديدة.. راوية
المحتويات
زوجها عنه..
الأمر هنا أغرب من الغرابة نفسها..
مر الوقت وصعدت إلى الأعلى مع ابنتها وشقيقتها في غرفتهم التي ينامون بها سويا وإلى الآن لم تفهم ما الذي يحدث ولكنها استمعت إلى الخدم في مطبخ القصر يتساهمون مع بعضهم بالكلمات..
باشياء غريبة لو كانت كما فهمتها فسيكون عليها الرحيل من هنا في أسرع وقت..
كانت تقول الخادمة أن كل ما كان في مخازن العائلة تم توزيعه على الأهالي في الجزيرة! وكل منهم لديه مخبأ سري داخل بيته يخفون فيه الأشياء الذي يريد جبل أن يخفيها ولا يوجد هناك أحد يستطيع الاعتراض بل الجميع يستمع إليه حبا وتعاون!..
أغمضت عينيها وأراحت رأسها إلى ظهر الفراش تستند عليه وهي جالسة فوقه ممدة القدمين غامت على عقلها ذكرى راحله منذ أكثر من السبع سنوات..
أقتربت من زوجها يونس في الفراش بعد أن وضعت فتاتها الصغيرة في فراشها لقد أرهقتها كثيرا وهي تحاول معها أن تجعلها تنام لتجعلها هي الأخرى تأخذ بعض الوقت الذي تريح به جسدها..
بس أخوك ده صعب أوي يا يونس.. إتم كده مش بيضحك مش بيتكلم ولا بيعمل أي حاجه غير يخرج ويدخل وهو مكشر
أجاب على حديثها بجدية وعينيه مازالت على حاسوبه
هو جبل كده على طول بتاع شغل وبس
ضيقت عينيها عليه وقالت بفتور
حرك رقبته للناحية اليمنى ثم اليسرى وقال بلا مبالاة وبساطة
محامي.. بيشتغل محامي
رفعت حاجبها الأيمن وهي تنظر إليه تلوي شفتيها باستغراب
ده محامي غريبة أوي
اشمعنى!
ده مش شكل محامي خالص ولا طريقة محامي.. مش أسلوب يعني وبعدين عمري ما شوفته داخل ولا طالع بشنطه ولا حتى عنده مكتب وبعدين مكتب ايه ومحامي ايه هو المكان اللي هما فيه ده محتاج محامي ده فيه مدرسة بالعافية
وفي وحدة صحية كمان
ارتفعت ضحكاتها فجأة غير مسيطرة على نفسها ثم وضعت يدها على فمها عندما تذكرت الصغيرة النائمة وتفوهت بسخرية
يا شيخ وحدة صحية بحالها دا مكان أسري بقى
تابعها بنظراته ولم يهتم بحديثها المهمين على مكان معيشة أهله ولكنه قال بجدية
اعتدل على الفراش مثلها يمدد قدميه مستندا برأسه إلى الخلف واستمع إلى تفوها المتأكد
الجبل
اومأ إليها برأسه دون الحديث فسألته بجدية ناظرة إليه بعمق
ليه منعتني أقرب منه
اعتدل مرة أخرى وجلس على الفراش ناظرا إليها بجدية وحزم وبدا على وجهه أن ما يقوله لا يسمح بالنقاش
علشان الجبل ده مش لينا.. ولا أنا ولا أنتي ولا ممكن أبدا نقرب منه مهما كانت الظروف الجبل محدش بيروح عنده ولا بيدخله ولو بيحصل غير كده بردو أنا وأنتي لأ ولو حصل نصيب ورجعنا هناك تاني إياكي تروحي جنبه
تسائلت باستغراب عندما رأت تحوله المفاجئ
ليه كل ده
أكمل قائلا بنفس نبرته القوية الحازمة
علشان ده خاص بجبل أخويا وأي حاجه خاصة بيه أبعدي عنها.. جبل مش سهل واللي بيقرب من حاجته بياكله أكل
صاحت وهي تشيح بيدها تجاهه بعصبية
ايه ايه اهدا الله هو كان اشتراه بفلوسه ولا مكتوب بإسمه مش بتقول مكان أثري يعني بتاع الكل
نفى برأسه وهو يأكد عليها
لأ بتاع جبل.. اومال
فكرك اسمه جبل ليه
لوت شفتيها وحركت رأسها وهي تقول بملل
ماهو أكيد اسمه محمد مثلا إبراهيم كمال وطلع عليه جبل ده
تابع النظر في عينيها مباشرة وابتسم بسخرية قائلا
لأ يا أنصح أخواتك اسمه جبل.. جبل العامري نسبة للجبل اللي على الجزيرة
تمددت على الفراش ونظرت إلى سقف الغرفة قائلة باستغراب
وده ليه وليه ممكن باباك يسميه جبل
أطال النظر إليها يعلم أنها فضولية للغاية وتود معرفة كل شيء وما السبب وراءه وما النتيجة من بعده وهذا سيتعبه ويتعبها كثيرا يحمد الله أنه بعيد عن الجزيرة كل البعد
أردف بجدية وقوة وهو يخرج الكلمات من شفتيه بحزم وداخله خوف لأنه يعلم زوجته جيدا
زينة أهم حاجه زي ما قولتلك مالكيش دعوة بجبل نهائي لو شوفتيه من بعيد متقربيش منه خليكي بعيدة زي ما أنتي.. أنا قولتلك جبل مش سهل ومش أي حد يقدر عليه أخويا الكبير وأنا عارفه
استدارت بوجهها للناحية الأخرى تتثائب وتسحب عليها الغطاء
وأنا هشوفه فين بس يا يونس.. نام يا حبيبي
تنهد بعمق وهو ينام جوراها ويغمض عينيه قائلا كلمات لم يكن يعلم أنها حقيقية إلى هذه الدرجة في وقتها
مين عارف اللي مستخبيلنا.. محدش يعرف الأيام فيها ايه يا زينة
استفاقت من تلك الذكرى التي لعبت بعقلها لقد كان يونس زوجها يعرف الكثير عن شقيقه! يعلم أنه صعب للغاية وقال لها هذا الحديث وحذرها هي إلى الآن لم تقابل أي شيء صعب منه بل قابلت أفعال رديئة يمكنها ابتلاعها إلى أن تذهب..
ولكن ما في رأسها الآن هناك شيء غير قانوني يحدث في هذه الجزيرة حقا وكان يعلم به يونس.
هل أخفى عنها حقيقة شقيقة وعائلته ولما قد قال أنه يعمل محامي ووالدته قالت أنه كبير الجزيرة وينوب أهلها! هل كل هذه الشكوك في رأسها هي فقط وعقلها الذي يوسوس إليها بهذا أم أنه صحيح وواقعي..
تعلم أن عقلها سوداوي وكل أمر بسيط يعقده ويجعله أقرب إلى المستحيل حدوثه وكل أزمة تمر بها يكبرها ويجعلها على وشك أن تكون متهمة بها ولكن هناك إحساس هذه المرة ينبعث من قلبها يتفق مع عقلها بقول أن هناك الكثير من الأشياء المخفية والكثير بخصوص ذلك جبل الذي أخذت التحذير الكافي بخصوصه من زوجها ولم تأخذه على محمل الجد بل وتهاونت به أيضا..
تشعر أنها تائهة بين عقلها وقلبها على متن هذه الجزيرة التي تقع في منتصف النيل لا يدري بوجودها بشړ ولا سبيل للنجاة منها إلا الهرب أو الڠرق..
مر الأسبوع الذي انتظرته بفارغ الصبر لقد كان أشبه بالعام وليس بضع أيام تخلد للنوم بها وتستيقظ وتجدها انتهت كانت أشبه بأوقات السچن المملة تعتبر نفسها سجينة داخل زنزانة وتنتظر لحظة الإفراج وإخلاء سبيلها.. وهذا ما كان بالضبط يحدث لقد كانت تنتظر على أحر من الجمر كي تذهب من على هذه الجزيرة عائدة إلى مكانها مرة أخرى وبحوزتها الأموال الذي تجعلها سعيدة هي وابنتها وشقيقتها..
الإنتظار كان قاټل ولكنها تحملت فقط من أجل أن لا يضيع كل هذا هباء ويذهب تعبها في الوصول إلى هنا ومعاناتها السابقة مع الرياح..
ولكن الحقيقة أن مخاوفها كانت تزداد يوم بعد يوم أثناء وجودها هنا بالأخص عندما أتت الشرطة إلى الجزيرة وعندما تذكرت حديث زوجها واستمعت إلى حديث العاملين بالقصر.. ظلت الأفكار تتهاتف على عقلها بكثير وتأتي من هنا وهنا وتجعلها تشعر بالخۏف والرهبة على ابنتها وشقيقتها في هذا المكان..
لقد كانت ستضيع منها شقيقتها بسبب سوء فهم من أحد الحراس إذا هم يعتادون على ذلك وعلى أهبة الاستعداد دائما لقتل أي شخص يقف في مواجهتهم..
وكل ما كان يشغل رأسها أيضا مع هذا هو أنه لو كان صحيح زوجها يعلم وتركها هكذا تضل ما يحدث ماذا لو حدث لهم شيء ألم يكن خائڤ على ابنته وزوجته أم أنه كان خائڤ من أن يقوم بڤضح عائلته أمامها!..
على أي حال لقد انتهت المدة التي طالبت بها والدته الآن عليهم أن يوفروا لها حقها هي وابنتها عليهم أن يجعلوها تنال الراحة ولو قليلا فهي تحمل على عاتقها مسؤولية أكبر منها هي شخصيا.. قد تبدو جامدة حادة صالبة أمام الجميع ولكن داخلها هش للغاية يبحث عن الأمن والدفء الذي ينعم به ولو حتى لدقائق..
أنها الشخص الكبير في أسرتها وهي الأمن بالنسبة إليهم كل منهم يرتمي في في السعادة والحزن والشدة والضعف.. ولكن هي ليس لديها من ترتمي في وتلقي عليه بعض من تلك الهموم التي تحملها وحدها..
فقط عندما تأخذ المال وتعود إلى دبي لن يكون هناك مشاكل ولن تحتاج إلى أن يكون جوارها من ترتمي .. سيغنيها المال عن أي شخص ويحل محل المشكلات العويصة كالتي واجهتها..
في لحظة ما شعرت أن حياتها انتهت وقلبها توقف عن النبض كل ما فعلته هو التجول في مكان غريب وجديد عليها ولكن لم تكن تتوقع أبدا ما سيحدث لها داخل
قصر العامري شعرت أن حياتها رخيصة للغاية ولا ثمن لها.. في لمح البصر كانت ستقتل ولن يكن لها دية عندهم ومنذ أن حدث ذلك وهي متوترة وقلقه بشأن وجودها هنا في هذا المكان..
فهم يتعاملون معهم على أنهم بمنتهى البرود والبساطة وكأن حياتهم ليس لها أي قيمة.. لقد اؤذيت نفسيتها كثيرا مما حدث وشعرت بالقلق والخۏف المبالغ به حتى أنها لم تخرج من بوابة القصر أبدا من حينها وكأن قابض الأرواح ينتظرها بالخارج غير أن ذلك الغبي نعتها بألفاظ بشعة وشكك بها وكأنها فتاة رخيصة تفعل أي شيء دون حساب ولم تحصل على الأدب في حياتها يوما ما..
بكائها والحلف بيمين الله لم يشفع لها ولم يرق قلبه ناحيتها ذلك المعتوه الأهبل الذي يماثل الأصنام في طولها وحجمها الكبير الذي يبتلع البشر..
جلست في الخارج وهي تطمئن أن الجميع علم بوجودها فلا خوف بعد ذلك منهم هؤلاء الحراس الأغبية..
نظرت حولها وهي تجلس على المقعد وكأنها في بيت رجل عصابات أو ماڤيا ليس في مكان قذر كهذا.. البوابة الخارجية عليها حارسان والداخلية عليها حارسان وهناك غرفة للحرس بجوار البوابة من الأساس غير هؤلاء الست أو السبع حراس المتناثرين في الحديقة وكل منهم يحمل سلاح!.. لما كل هذا
لوت شفتيها باستغراب وعدم معرفة ثم فتحت جوالها الخاص ورفعته أمام وجهها ليبدأ البث بينها وبين أحد الأصدقاء لها..
تحدثت صديقتها على الناحية الأخرى باللغة الإنجليزية مبتسمة
Hello Israa how are you
مرحبا إسراء كيف حالك
أجابتها الأخرى بابتسامة
تماثلها على وجهها وهي
تجيب بحماس
Hi Laura Im
متابعة القراءة