بقلم ديفنا عمر

موقع أيام نيوز

ويشي بمعاني يطوق قلبه لتصديقها.. وإلى الآن لا يدري كيف عرض عليها هذا اللقاء وقرر كشف ماضيه لها..ترى حين تعلم ستتغير معه سيقل قدره بعيناها 
_ السلام عليكم. 
ألقت تحيتها المقتضبة مقاطعة أفكاره فرد قائلا 
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضلي. 
تنحنحت قبل أن تهتف معلش اتأخرت عشان.
_ مش مهم. مهما اتأخرتي كنت

هستناكي ياشمس..
يا ويلها من كلماته التي تكاد تشق قشرة ثباتها بقوة مازالوا بالدقيقة الأولي وها هو يوجه أولى سهامه گ محارب مخضرم..هل حقا يمثل مجيئها تلك الأهميته لديه
_ تشربي ايه 
قالها وهو يسحب لها مقعدا بفعل مهذب لتجلس عليه فقالت وهي تأخذ مكانها قبالته ليمون بالنعناع.. 
طلب ما قالت مع فنجان قهوة له وانتظر أن يأتيه ثم
هم ببدء حديث في تلك الأثناء قائلا عاملة ايه 
_ الحمد لله.. 
_ أنا بشكرك انك جيتي تقابليني يا شمس ده معناه انك فعلا بقيتي تثقي فيا.. 
حاولت أن تتحدث بهدوء خافية توترها أنت شغال معانا من حوالي سنة يا جسار واكيد دي فترة كافية اني أشكل عنك فكرة منصفة عن الأولي.. مع استغرابي طبعا انك اتحولت من النقيض للنقيض.. أنا صحيح هاجمتك قبل كده بس لما جت فرصه عدت تقيمك تاني عشان مبقاش ظالماك لأني محبش بشكل عام اظلم أي حد..
ابتسم تلك الابتسامة الرجولية الجذابة والتزم الصمت وهو يتأملها لتعلوا وتيرة توترها ثانيا فينقذها حضور النادل واضعا مشروبهما فوق الطاولة.. 
أشار لها لتتناوله بينما ارتشف القليل من قهوته ثم أخذ نفسا عميق وزفره قائلا بصوت بدت نبرته عميقة كمن يطلق عنان مشاعر مكبوتة داخله 
_ طول عمري كان جوايا حاجة تعباني ومسببالي شعور بالنقص وخلل وفراغ في حياتي هو السبب الرئيسي اني كنت بعمل علاقات كتير في الماضي.. كأني كنت بحاول ألهي عقلي عن التفكير والأسئلة اللي كل يوم بتزيد.. ليه بابا مش بيحبي ليه ملامحي مخصماه ومش طالعة شبهه ولا حتى شبه ماما أو أخويا وليه ماما عمرها ما أخدتني في حضنها وحكت ليا حكاية عشان انام على صوتها زي أي طفل مع أمه ليه مش بتدعيلي زي ما بتدعي لاخويا رائف.. ليه هي كمان بحسها مش بتحبني وليه دايما عايزين يكونوا بعيد عني ليه وليه وألف ليه كانت بتصرخ في عقلي كل يوم ومفيش إجابات لأسئلتي..الوحيد اللي حبني بجد هو جدي نادر اللي برضو مفيش بيني وبين ملامحه أي شبه دوامة حيرتي كانت بتبلعني كل يوم عن التاني وتخنقني.. حاولت أهرب بشكل تاني.. نجحت واجتهدت في شغلي وفعلا قدرت الاقي نفسي في حاجة اكتشفت اني بارع فيها..متعة غريبة ماتساويش كنوز الدنيا لما بسمع دعوة مظلوم رجعتله حقه..دعوات بتعوضني اللي اتمنيته من اقرب الناس ليا.. أو اللي افتكرتهم أقرب ما ليا.
بدأ حديثه يغزوا كل حواسها وانتباهها وهي تنصت له باهتمام شديد مستنتجة أشياء بين السطور تخاف مجرد توقعها فضلا عن تصديقها ليواصل جسار بوحه العميق واللا محدود لها 
_ أخر مرة وانا بستقبل ماما وبابا في المطار ابتديت اتأكد من ظني وبابا بيمنع ماما تقرب مني وتسلم عليا حتي لو عمري ما شوفت منها حنينة. بس يكفي اني عارف انها أمي اللي مشتاق ليها لكن قصاد لهفتي ناحيتهم مالقيتش غير برود وجمود من بابا وماما حيرني في امرهم اكتر وقتها أخدت قرار اني لازم اعرف إجابات شافية لأسئلتي تريحني..بس ماكنتش اعرف إن الجواب اللي بدور عليه هيكون خناجر ترشق في قلبي وروحي باپشع طريقة وانا بسمع امي بتصرخ في جدي وتقوله مش هسمح واحد لقيناه في الشارع يقاسم ابني في الميراث.
هنا أنهمرت من مقلتي شمس دمعة هاربة من حدود عيناها عندما وصل بسرده لتلك النقطة المفجعة كما توقعتها تماما..مسكين.. كيف تحمل صدمة گ هذه لا ريب انه هاج وحطم كل ما طالته يداه لكنه لم يفعل.. هذا ما عاد يقصه لها جسار وهو يخبرها عن هدوء انسحابه من بينهم ومن حياتهم ذاتها زاهدا بالترف والبذخ الذي كان يحيا ويتنعم به.. 
ولم ينسى ذكر خيبة أمله بفقد أثر والديه بعد أن حاول شرطي قريب لصديق رائف التقصي عن الحاډث ولم يثمر البحث سوي أن أصوله مصرية ولا شيء أخر..كما أخبرها كيف أتي العم أمين ذاك اليوم وعرض عليه العمل معه بأكثر أوقاته حاجة لبداية ومعنى جديد لحياته.
ختم حديثه معها بتلك الكلمات وهو يراها تكفكف دموعها الغزيرة بمحرمة ورقية هامسا لها
_ هو ده جسار يا شمس.. الشاب اللي اكتشف انه ولا حاجة.. ميعرفش لأهله طريق.. ولا حتي أسم أبوه وعيلته ايه عنده اخوات أعمام خالات ميعرفش أي حاجة..الشخص اللي قدامك ده حياته صفحة مش مسطورة فيها غير دموع وحزن وۏجع لأنه مايعرفش جذوره نبتت في أي أرض..وده أسوأ شعور ممكن حد يعيشه يا شمس.
انتبه أخيرا أن شهقاتها بدأت تعلو باڼهيار فصاح بفزع كأنه كان في غفوة لم يفق منها سوي الآن شمس انتي پتبكي قالها وهو يلتقط
عدة محارم ورقية ويقدمها لها برجاء عشان خاطري كفاية عياط وأسف اني بكيتك بالشكل ده مش قصدي والله أنابيب كنت محتاج اشارك مشاعري وكل أسراري.
حاولت السيطرة علي نحيبها وهدأت قليلا قائلة بصوت مبحوح عارفة انك مش قاصد ياجسار.. بس مقدرتش اتحمل المأساة اللي عشتها..حقيقي تجربة

صعبة اوي على اي حد.
تنهد بصبر ورضا علمته له الأيام الحمد لله علي كل حال يا شمس.. ربنا كتبلي الحياة رغم اني كانت كل مقومات مۏتي مع والدتي أكيدة..لكن بعتلي اللي يسمع صړختي وينقذني من المۏت.. وده له حكمة يمكن تبان بعدين.. 
_ فعلا كل حاجة بتحصلنا ليها حكمة وسبب.. المهم انك ترضي بحياتك ياجسار.. انت كنت ممكن تبقى شخص ضايع أكتر من كده لو محدش علمك ورباك كويس.. لكن بالعكس جدك صانك وحبك ولسه بيحبك زي مابتقول وبقيت شخص ناجح وليك قيمة ومستقبل يشرف.. أرمي اللي عرفته وري ضهرك وكمل مسيرتك وربنا يعوضك بالخير..
حدجها بنظرة دافئة وهو يهمس أمال أنا ليه طلبت أقابلك ياشمس.. ماهو عشان كده.. 
_ كده اللي هو ايه مش فاهمة
_ العوض يا شمس عوض ربنا ليا اني اعمل العيلة الدافية والعزوة اللي اتحرمت منها.. أني ازرع نبتة حب تكبر وتضلل عليا وتشبعني بضلها بعد الجفا اللي عشته طول عمري عرفتي ليه فتحتلك قلبي 
صمتت مآخوذة تنظر له بتيه ليكمل بعثرتها بكلمات فتت جدار ثباتها أرضا 
_ تتجوزيني ياشمس
تقبلي تشاركيني حياتي زي ما شاركتيني في قلبي
جخظت عيناها لا تصدق ما سمعته.!
تتزوج هي وجسار كيف 
ليبرز بغتة صوت بين أفكارها
صوت لخاطر تخافه
سارة! 
ماذا لو ابنة العم مازالت تحبه!
______
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل التاسع
لا تحاول البحث عن حلم خذلك
واغزل من حالة الانكسار عناقيد حلم جديد وحياة أجمل
و مهما حل الظلام بعالمك واستحكمت حلقاته
لا بد أن يبزغ من نافذة الكون شعاع مشرق.
كفيل بتبديد ظلمات روحك لطاقات مفعمة بالنور.
رجل بفراسته وذكاءه لن يغيب عنه مسار أفكارها هو يعلم ما يجول بعقلها الآن ويفهم ويقدر دوافعها وقلقها الذي غبر ملامحها الجميلة فتمتم جسار بهدوء
_ سارة زي اختي يا شمس..
تعجبت منه فكأنه قرأ خاطرها وسمع لصوت ضميرها ليواصل باستطراده واظن ده بقي واضح ليكي الفترة اللي فاتت سارة سعادتها الوحيدة مع آدم والحمد لله انها فهمت ده دلوقت ومنتظراه يمشي أول خطوة ناحيتها.
_ يعني انت بجد مش بتحبها
تساءلت بشك مازال يراوضها فقال ليغمرها بتأكيد يورثها الراحة حب واحد لواحدة لأ.. أقسم بالله ولا مرة شوفتها غير إنسانة برتاح ليها وبخاف عليها بدون اي غرض كأنها أخت ومش اكتر من كده.
_ طب وأنا 
مالت أكتافه للأمام بوضع يوحي بالاهتمام الطاغي ودنى بوجهه قليلا من محياها وهو يرتشف ملامحها بنظرة جعلتها تبدو كبقعة دماء حمراء من فرط الخجل وهو يهمس بصدق لا يشوبه قطرة كڈب انتي حبيبتي ياشمس لما تخيلت اعمل عيلة مشوفتش في عيوني غيرك انتي أم ليهم..أنا بحبك ياشمس وده اللي بقيت متأكد منه بحبك ونفسي تكوني وطني اللي بدور عليه بعد طول غربتي ووحدتي.. علي شعرك ليلي الحالك هينور بنجوم عنيكي..في قربك هلاقي الدفا والحنان اللي اتحرمت منه وينتهي الشتات اللي عايشه ها قلتي ايه موافقة
صمتت لكن داخلها اصوات صاخبة تحتفل بما سمعته للمرة الأولى من بين شفتاه عيناه نطقت بالصدق صوته لمس بحرارته شغاف قلبها البكر هدهد أنوثتها التي لم ترتوي بطوفان هذه المشاعر من قبل هو اول من فعل ويالا غرابة الأمر بأكمله فإن راجعت تاريخهما معا لن تجد سبب منطقي يوصلهما لنتيجة كهذه لكن منذ متى كانت اقدارنا يشكلها المنطق وحده النصيب من يجرف تيارها إلينا.. نكست رأسها ووجهها مخصب بالحمرة لفتاة قليلة الخبرة في ساحات العشق و بدلال يليق بمثلها 
هفكر.
قفزت سارة من الفرحة تهلل گ الطفلة 
جسار طلب ايدك لا مش قادرة اصدق ياشمس بجد أنا عايرة ازغرط بس مش بعرف.. 
أجابتها برصانة تميزها يابنتي اعقلي هتفضحينا وبعدين أنا لسه بفكر أصلا.. 
_ ياشيخة روحي بتفكري في ايه هو ده عريس يترفض ده تقريبا مافيهوش عيب..
صمتت شمس ورغما عنها راحت ترمقها بنظرة ذات مغزي أدركتها سارة جيدا فاقتربت منها مبتسمة مع قولها عارفة عيونك بتقول ايه بس اطمني ياشمس..أنا قبل
كده أكدت لك ان مشاعري ناحية جسار فعلا أخوية.. وإلا كان رد فعلي اختلف تماما لو كنت بحبه.. بالعكس انا حقيقي فرحت عشانكم جدا وفوق ما تتخيلي. 
بشك لا تملك إخراس صوته بشكل قاطع يعني بجد ياسارة مفيش حاجة جواكي ناحيته
بحسم أجابتها نهائي.. وبعدين يابنتي انا قلبي مشغول بأبو الهول. 
_ أبو الهول 
_ أيوة.. سي آدم اللي مش عايز ينطق ويريحنا.. 
_ يعني بتتمني تتجوزي آدم يا سارة 
_ وليه لأ ياشمس مشاعري وغيرتي عليه مالهاش غير تفسير واحد.. اني بحبه وعايزاه ليا انا وبس..ده يمكن انا كده من البداية بس مكنتش فاهمة ياريته بس يثق في نفسه أكتر من كده ويصارحني بحبه.. 
غمرتها شمس بعناق حاني أنا مبسوطة اوي لأنك أخيرا رسيتي علي بر يا سارة وفهمتي عايزة ايه.. 
_ طب وانتي رسيتي علي بر 
تنهدت وهي تقول بحيرة أنا متلخبطة ومتاخدة من المفاجأة..بحاول اجمع نفسي واهدي عشان افكر. 
_ بس انتي بتحبيه صح 
نهضت لتقف أمام نافذتها متطلعة للافق بشخوص أكدب لو نكرت

ان فعلا فى حاجة قوية جوايا بتتحرك ناحيته يا سارة بس خاېفة 
_ من ايه 
_ يكون حبه ليا مش حقيقي.. 
_ وليه يكون كده ايه يجبره يتقدملك لو مش عايزك 
_ ان ضياعه يخليه زي الغريب اللي بيدور علي مركب والسلام يبحر بيها لأي شط..خاېفة يكتشف انه كان عايز وطن تاني واني مش السكن اللي هيرتاح فيه.
شعرت
تم نسخ الرابط