عشق الادهم
المحتويات
اتجها الى الفيلا الفخمة لتجدا في انتظارهما سيدة في الخمسين من عمرها بشوشة الملامح ترتسم على وجهها ابتسامة عريضة ترتدي ملابس بسيطة بالإضافة إلى سيدتين تبدوان أصغر سنا منها بقليل
ياسمين بابتسامة بريئة اهلا و سهلا.. تشرفنا.
ام هاني خطوة عزيزة يا باشا... اهلا بيكي يا هانم المزرعة نورت .
آدم بصوت واثق ميرسي يا ام هاني...حضري الغداء بسرعة و احنا حنطلع نرتاح شوية و لما يجهز الغداء اندهيلنا.
واو دي الأوضة حلوة اوي . صړخت ياسمين بحماس و هي تتجه الى الحائط الزجاجي الذي يطل على المزرعة
ذوقك حلو اوي.. كل حاجة هنا حلوة و مريحة و الهواء نقي انا حبيت المكان جدا.... انت ليه مجبتناش هنا قبل كده... هو ينفع نقعد هنا على طول.
آدم بصوت عال دقايق و نازلين. الټفت لياسمين ثم أشار الى احد الأبواب متحدثا بنبرة
اتجهت ياسمين الى الخزانة الكبيرة لتتفاجئ بوجود ملابس كثيرة متنوعة اختارت قميصا طويلا باللون الأزرق السماوي و بنطال قماشي مريح باللون الاسود ثم اتجهت الي الحمام.
ياسمين بشدة قاما بالتجول لعدة ساعات في أنحاء المزرعة حيث استمتعا كثيرا بمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة و الحيوانات و الطيور المتنوعة... بالإضافة إلى العديد من الأشجار و النباتات النادرة التي تتميز يها المزرعة...و أيضا اصرار ياسمين على ركوب احد الاحصنة رغم خۏفها
بتسم آدم في داخله و هو يتذكر جلوسه وحيدا ليلة البارحة في نفس المكان... لم يكن يتوقع انه
ثم اكملانت من وقت الغداء مكلتيش حاجة....ايه رأيك ندخل الفيلا عشان تتعشى.
نفت برأسها مهمهمةلا مش عاوزة احنا تغدينا متأخر و انا أكلت كثير... بس لو انت عاوز نروح معنديش مانع.
الټفت ياسمين بجسدها لترتكز بذراعيها على الأرض لتصبح مقابلة لآدم هاتفة بصوت متردد آدم هو انت ينفع تحكيلي... انت وعدتني نيجي هنا عشان تقلي كل حاجة و نهدم الجدار اللي
تأمل لثوان ملامح وجهها البريئة ثم مد يده ليمسك بكفها و كأنه يستمد منها قوته لتقابله هي بنظرات مشجعه على البوح بمكنونات قلبه تنهد بصوت مسموع قبل أن يبدأ حديثه بنبرة حزينة عاوزة
انا عاوزة اعرف كل حاجة و مهما كانت إجاباتك انا عمري ما حفكر اني اسيبك او ابعد عنك... اصلا انت مستحيل تخليني اعمل كده.
ابتسم بمرارة و طوفان من الذكريات المريرة يجتاح مخيلته پعنف ليجيبها بصوت مرتعشطبعا مستحيل اسيبك انت الحاجة الوحيدة اللي حفضل متمسك بيها لآخر نفس فيا...
انا كنت صغير جدا لما فقدت عيلتي حاډثة
كان عمري وقتها خمس سنين كنت عيل معرفش اي حاجة و لا فاهم اللي بيحصل حواليا... حتى اهلي أعمامي و اخوالي رفضوا انهم يقبلوني.... فأخذوني لدار أيتام و هناك بدأت معاناتي أشكال و الوان...شخط و ضړب و اهانة و حرمان من الاكل و كمان كانوا بيحطوني في اوضة ظلمة لوحدي.... كل داه عشان كنت پصرخ و بنادي اني عاوز ماما و بابا...و كنت رافض اني اعيش في الملجأ.. انا كنت طفل صغير مكنتش فاهم اصلا انا ليه فجأة بقيت هناك....انا كنت كل ليلة بنام و عندي امل اني اصحى الاقي نفسي في كابوس و ان انا رجعت لبيت و لحضن عيلتي... انا فاكر شوية من ملامح امي... كانت حنينة اوي و بابا كمان هي كان اسمها سمية و بابا اسمه مدحت... كان بيدلعها بيقولها يا سمسم كان عندنا بيت صغير بس فيه جنينة كبيرة كنت بلعب فيها و كان مرجيحة كانت أمي بتقعد فيها و بتبصلي و انا بلعب...
المهم انا لما عملت الحاډثة حصلي شوية تشوهات في ظهري فالاطفال كانوا بيتنمروا عليا و بيعايروني بالمشوة و كنت بتشاجر معاهم و بضربهم...
صمت قليلا ليضحك پتألم ثم يكملرغم اني كنت صغير بس ما كنتش بسيب حقي... و كنت بتعاقب... و كنت بضربهم اكثر و بردوا مديرة الدار بتعاقبني اكثر.... و فضلت كده سبع سنين و بقى عندي اثناشر سنه بقيت بنقم على كل الناس... اهلي اللي سلموا فيا و اللي بيشتغلوا في الدار و الأطفال اللي معايا... كانوا كلهم بالنسبة ليا وحوش معندهمش رحمة و لا ضمير بقيت طفل عصبي جدا و مش بتقبل اتكلم او اتناقش مع أي حد بقيت بستعمل ايدي قبل لساني...
لمعت عينا آدم بسعادة انبثقت فجأة من بين أطياف الحزن المحيطة به ليجذبها بقوة اليه قائلا عارفة دي اول مرة تقوليلي يا حبيبي... المهم يا ستي لما
بقى عمري اثناشر سنة قابلت ماجد الحديدي اللي قرر يتبناني هو و مراته دولت هانم... اختاروني انا عشان كنت ذكي جدا... تقريبا كنت بحصل على الدرجات النهائية في أغلب المواد في المدرسة و هو كمان كان عاوز ولد عمره يكون فوق العشر سنين عشان انا وقتها كنت مبسوط جدا قلت ياااه و اخيرا حتبقى
زاد من لها لتشعر ياسمين بارتجاف جسده و كأنه يحتمي بها من تلك الذكريات التي لازالت تألمه بشدة رغم مرور سنوات طويلة...ليصلها صوته المخټنق انا عشت معاهم اقل من شهر و بعد كده سفروني أمريكا عشان اكمل دراستي... هما مكانوش عاوزيني انا... كانوا بس عاوزين طفل ذكي عشان لما يكبر يقدر يدير املاكهم حتى اسمي غيروه...مكانش همهم بزياده و خلوه زي الحجر و زودوا غربتي بقيت لوحدي في بلد ثانيه على الاقل لما كنت في الملجأ كان عندي امل و لو صغير ان حد من عيلتي يفتكرني او قلبه يحن و ييجي ياخذني او حتى يزورني....
عارفة ايه احساس طفل صغير منبوذ الكل بيكرهه و مش عاوزه و بينظروله و كأنه مرض
الفصل الواحدو الثلاثون
بعد يومين
تجلس ياسمين مع رنا على إحدى الارجوحات تتحدثان
رنا بضيق آدي يا ستي كل اللي حصل.
ياسمين بضحك يعني آخر يوم في شهر العسل كنتي حتبوزي كل حاجة... و الله و بقينا بنحب و نغير.. اكملت و هي تقلد بسخرية صوت رنا... مش عاوزة اتجوز يا ياسمين عاوزة اكمل دراستي برا و....
رنا بصياح و هي ترمي عليها إحدى الوسائدخلاص بقى اسكتي فضحتيني...بس انا زعلانة منك يعني المصاېب اللي حصلت معاكي كلها و متقوليليش و كمان الكلبة غادة ناكرة الجميل...دا انا كنت بعاملها زي اختي بالضبط و كنت مستحملة طباعها الزفت كنت بعدي عليها كل يوم بعربيتي و آخدها معانا للكلية عشان متتمرمطش في المواصلات و دخلتها لمطاعم و محلات مكنتش تحلم تعدي من ادامها... الجربوعة الواطية دا لولايا انا مكانتش حتقدر تعتب باب شركة الاستاذ آدم بس نقول ايه كلبة
و لاتسوى خليني بس اشوفها اقسم بالله لكون محرجراها من شعرها في الشارع بقى تتفق هي و الحية سهى عليكي .. .
ياسمين بهدوء اللي فات ماټ يا رنا انا نسيت كل حاجة و قررنا انا و آدم اننا نبدأ صفحة جديدة.. .
رنا بابتسامة انا مبسوطة عشانك جدا يا ياسمين
يا رب تفضلي دايما انت طيبة اوي و تستاهلي تكوني سعيدة.
اشرق وجه ياسمين بابتسامة عذبة لتقول و انت كمان يا روني...طيب حنعمل ايه في الملل داه... جوزي و جوزك أخذوا الاستاذ رامي عشان يركبوا الخيل و احنا قاعدين نتمرجح هنا. .
ياسمين بتهكم متعودتيش... بقى بعد كل اللي حصل ما بينكم قي شهر العسل و لسه متعودتيش... اشحال لو مكنتوش قاعدين شهر و نص بحالهم في ايطاليا... .
رنا مقاطعة بسسسس ايه داه انت بقيتي قليلة الادب على فكرة مالك يا ختي و مال اللي حصل بيني انا و جوزي الله... و بعدين ما انت كمان كنتي مقضياها في السانتوريني و لحد زعجكم لو كانت واحدة غيرك كان زمانها حامل في توأم... .
الفيلا...توقفت عندما وجدت زاهر و آدم و رامي يجلسون سويا في الصالة...
زاهر بقلق و هو يرى رنا تلهث بشدة ووجها احمر مالك يا حبيبتي... في حد بيجري وراكي.
رنا و هي تومئ برأسهادي...ياسمين.
هب آدم واقفا هو الاخر واقترب من رنا ليصيح بنبرة غاضبة ياسمين... مالها انطقي.
انكمشت رنا على نفسها و هي ترى ملامح آدم المخفية ليتحدث زاهر محاولا تهدئة الوضع اهدي يا آدم حيكون في إيه يعني. ثم الټفت الى رنا يشجعها على التكلم لتنظر له ببرائة قبل أن
تركهم آدم و خرج للبحث عن زوجته... الټفت يمينا و يسارا قبل أن يصله صوتها و هي تتحدث في الهاتف بانسجام خلاص يا حبيبي متزعلش و الله و انت كمان واحشني جدا انا بقالي كتير مشفتكش...كانت عندي ظروف كدة...يا بكاش يعني وحشتك انا اكثر منها... .
تصلب جسده ليغمض عيناه بشدة
و يضغط على قبضة يده بشدة حتى ابيضت مفاصله...هل هو يحلم ام ان هناك شيئا خاطئا...زوجته واقفة امامة و تتحدث مع أحدهم...
بل و تتغزل به و تتبادل معه كلمات رومنسية..
فتح عيناه لتظهر تلك الشعيرات الحمراء المتجمعة من شدة غضبه و شيطانه يدعوه الى الفتك بها...
شهقت بفزع عندما جذب أحدهم الهاتف من يدها... التفتت ورائها و هي تضع يدها على قلبها لتجد آدم...هدأت قليلا و هي تمتم بسم الله الرحمان الرحيم... ايه يا آدم حرام عليك خضتني هات التلفون.
نظرت الى هيأته المرعبة لتشعر ببرودة فضيعة تكتسح عظامها.. انها نفس النظرة التي ترتسم على ملامحه عندما يكون غاضبا... تراجعت الى الخلف و هي تراقب نظراته الغامضة و المبهمة لتتذكر تلك الليلة...ابتلعت ريقها بصعوبة و تعالت دقات قلبها عندما رفع هو الهاتف الى أذنه و يستمع الى صوت طفل صغير...
حدق ببلاهة في الاسم المدون على شاشة
متابعة القراءة