رواية بقلم سهام صادق
المحتويات
تنتظر ردة فعله.. التوت شفتاه في استنكار يستند بساعديه على سطح مكتبه
سامع صوت غريب معاكي يا ماما
يعلم هويتها كما تراءى لها في عينيه.. توترت السيدة فاطمة فتلك النبرة التي يتحدث بها ولدها تعلمها تماما
ديه المرافقة الجديدة يا جسار..قربي يا ملك ياحببتي
استرسلت السيدة فاطمة بمزايا ملك ومؤهلاتها وملك وقفت تترصد ملامحه المتهجمة وهو يستمع لحديث والدته عنها
واردف وقد أصبحت عيناه تواجه تلك التي وقفت تطالعه وهو يسخر منها
تعالت شهقتها من وقاحته كما تعالت شهقت السيدة فاطمة تنظر لها تخبرها بعينيها أن لا تتأثر بحديثه فهو يتعمد لإھانتها
جرب وبعدين أحكم يا جسار بيه.. واه أنا فعلا بعامل الأطفال بالمحايله واللين.. وبتقبل تمردهم بصبر لحد ما بنقبل بعض ويفهموا إن وجودي معاهم تبادل منفعة مش فرض عليهم
اطلعي بره.. بره
اتسعت عيناها ذهولا تنظر نحو السيدة فاطمة التي قبضت على يدها تحثها على الصمت
جسار
ماما لو سامحتي اخرجي دلوقتي وأقفلي الباب وراكي
انصاعت السيدة فاطمة لطلبه تغلق باب الغرفة خلفها وقد تعلقت عيناها بتلك التي ترقرت الدموع في عينيها
ربتت السيدة فاطمة على كتفها تخبرها بما سوف تسمعه منه يوميا مدام إختارت العمل هنا
حببتي جسار بيطرد كل الشغالين هنا بنفس الأسلوب والكل بقى يتقبل ده.. الكل بيفتكرله اد إيه كان إنسان جميل وحنين .. أرجوكي حاولي تتقبلي ده ولا أنت رجعتي في رأيك
واردفت تنظر إليها بحنان بعدما رأت التردد في عينيها فلم تعتاد على عمل كهذا يوما.. ملك المرفهة التي لم تواجه صعوبة الحياة وكما اخبرتها ناهد إنها رحمتها من قسۏة الشارع والتربية في دور الأيتام
وهل لديها خيار أخر حتى ترفض ذلك العمل والمأوي
ابتلعت تلك الغصة التي عاد ټقتحم فؤادها وصوت ناهد يتردد في أذنيها بقسوته
أبعدي عن حياتنا.. روحي مدينة تانية لا حد يعرفنا فيها ولا يعرفك
..
طالعها الجد عظيم بعدما أعطته حبة الدواء.. إنه يشفق عليها وعلى تلك القوقعة التي تعيش فيها.. يعلم أن هناك من في أعمارها أكثر نضجا منها ولكن الحياة هي من تعلم المرء النضج وكما يظهر له منها إنها عانت حتى في منزل والديها.. هناك الكثير من الفقراء ولكن إذا نظرت لأولادهم تشعر بشبعهم وقوتهم ولكن كحال فتون الأهل يعيشون في نفس الحقبة التي عاش فيها والديهم بل وأجدادهم
ارتعش كفها وهي تلتقط منه كأس الماء بعدما أرتشف منه القليل
لا يا بيه
وليه مقولتيش ليهم
اطرقت عيناها أرضا تتذكر ټهديد حسن إليها وضربه لها
كان بيضربك
اغمضت عيناها بقوة تتذكر ما نالته تحت يديه وكيف جعلها ضعيفة مکسورة
لو كنتي قولتي لأهلك اللي بيعمله فيكي مكنش فضل يضربك ويهينك .. الأهل سند لولادهم يا بنتي حتى لو غلطوا في حقهم
كل الرجالة بټضرب ستاتهم .. لازم تسمعي الكلام وهو لما يلاقيكي مطيعة وبتسمعي كلامه مش هيضربك.. فتون الست لما بتطلق مبيكونش ليها عوزة
إمسحى دموعك يا فتون.. وأسمعيني كويس
رفعت عيناها نحوه فرمقها الجد بنظرة حانية
بعد ما سليم يديكي ورقة طلاقك من جوزك لازم تروحي بلدك.. أهلك لازم يكونوا عارفين حياة بنتهم وصلت لأيه ولفين.. حفيدي ممكن يساعدك بالفلوس لكن ما يقدرش يقدم ليكي أكتر من كده..
طالعته پصدمة توقعها هو .. ف الفتاة لا تريد مفارقة حفيده وكأنها ربطت حياتها به ومعهالسيد سليم أخبارها بذلك ولكنها لم تحب تلك الفكرة.. إنها تريد أن تظل خادمته
بس أنا مش عايزه أسيب سليم بيه.. سليم بيه حنين وبيعاملني كويس ووعدني إنه هيساعدني اكمل تعليمي وأنجح
حفيدي مدام وعدك إنه يساعدك.. هيساعدك يا بنتي بس لازم تعرفي إن طريقك اللي هيبدء.. هيكون من غيره زي ما هيكون من غير حسن
تعلقت عيناها بعينين الجد وقد أيقن إنها تجهل مشاعرها نحو حفيده وهذا في صالحها.. فهل حفيده سيربط مصيره بخادمة كانت زوجة سائقه
كلمي اهلك يا فتون عشان قريب هتمشي من هنا
والكلمة أخترقت أذنيها لقد اقترب موعد رحيلها الذي لم تحسب موعده
بعقد زواج عرفي كانت توقعه تلك التي جاورته على الأريكة في تلك الشقة التي استأجرها
مكنش ليها لزوم الورقتين دول يا بيه.. ما أنت عارف أهم حاجة الفلوس في شغلنا
طالعها سليم بعدما تناول منها الورقتين ينظر إليها بتقزز وهي تمضغ تلك العلكة
صوتك مش عايز اسمعه مفهوم...وياريت ترمي اللي ف بؤك صدعتيني
خلقك ضيق يا بيه..
بصقت العلكة من فمها مما زاده تقزز فاردفت بتسأل بعدما تذكرت المبلغ المالي الذي أخبرها به
هو صحيح هتديني المبلغ ده يا بيه
اجتذب يدها نحو الغرفة بعدما ضجر من حديثها.. كانت أبشع تجربة يلقي نفسه فيه.. أراد أن يجرب ذلك النوع.. أراد أن يرى تلك المتعة التي كان يحصل عليها صفوان النجار.. حاول أن ينغمس في تلك القبلات.. يتخيل التي بين يديه خادمته الصغيرة ولكنه لم يشعر إلا بالخواء
مالك يا بيه.. هو انت طلعت منهم ولا أيه
رمقها بنظرة قاټلة بعدما وقف يمسح على وجهه.. لم يعد يفهم حاله لم يعد يعرف ماذا يريد.. تلك النظرة التي تطالعه بها ټقتحم عقله وتتوغل في أعماقه.. لقد أحب تلك الصورة.. صورة البطل.
هي الليلة أنضربت ولا إيه
احتدت عيناه يطالع تلك
________________________________________
التي مازالت تنتظره مرحبة.. اقترب منها يجذبها من فوق الفراش بقوة قد راقتها
لا أنت شكلك جامد يا بيه بس مش مركز
ركضت من أمامه تلتقط حذائها تضم المال الذي ألقاه عليها
للتو بعدما أصم صراخه بها أذنيها
تهاوى بجسده على الفراش.. وذكري بعيدة كانت تأخذه للماضي
جالس هو ورفيقة طفولته أمام تلك البحيرة الصغيرة يمضغ عود القصب الذي يفشل في تقشيره فتقوم هي بتلك المهمة بعدما ظلت تمازحه بتلك العبارة التي يمقتها
طبعا ابن الذوات هيعرف يقشر قصب ازاي
أنت هتبقى حلم كل بنت يا سليم.. أنت مش شبههم.. هتكون الأمير اللي هيحب سندريلا ويخلصها من حياتها
تبتسم بخجل وهي تخبره بتلك العبارة.. تحلم بنفسها إنها هي سندريلا وهو الأمير..
والذكريات تعود به لما مضى
جايب لبنت الخدامة فستان.. بتشتري من مصروفك ليها هدية
شايفة ابنك يا صافي.. طالع خايب ازاي.. انا مش عارف مجبنهوش ليه بنت.. ده مش عارف يضرب الولد زميله
كفاية.. كفاية
نهض من على الفراش يزيل عنه قميصه.. وصورة واحدة كانت تسير أمام عينيه
ليه ظهرتي يا فتون.. ليه شوفتك فيها
....
تذرف والدتها دموعها تخبرها كيف أحبت ملك كأبنة لها وكيف خدعها عبدالله.. تلك الجارة التي سألته يوما لما يهتم بها هكذا ليخبرها إنها يتيمة تعيش مقابل شقته وقد أوصته عليها والدته رحمها الله.. تعاطفت معها بل وودتها في بعض الزيارات وفي النهاية كانت هي المغفلة
شوفتي يا مها شوفتي.. شوفتي ابوكي ضحك عليا ازاي طول السنين ديه
وعبارة رسلان يتردد صداها داخل أذنيها
لو كنتي أعتبرتيها بنتك بجد عمرك ما كنتي عملتي فيها كده .. أزاي جالك قلب تطرديها.. ياخسارة يا ناهد هانم
حتى رسلان بقى يكرهني وشايفني وحشة.. وكل ده ليه عشان عايزاه يكون جوزك أنت
طالعتها مها پضياع تنظر لملامح والدتها
فين ملك يا ماما فين أختي.. أنت السبب في كل اللي حصل لينا.. أنت السبب
....
فتون يا بنتي.. المشروع خسر وحسن جوزك عايز الفلوس.. عايز يحبس أبوكي يا بنتي.. إترجيه يا بنتي يصبر عليا.. ضحك عليا صاحبي قالي المشروع ده بيكسب.. بقيت مديون يا بنتي
استمعت لبكاء والدتها التي أخذت تولول على خيبتهم وسوء حظهم
جوزك كان واخد عليا وصل أمانة .. خليه يصبر عليا ده أنا حماه.. في حد بيسجن حماه
حسن يفعلها وهي أكثر الناس دراية به.. إنفطر قلبها على حال والديها.. هاتفتهم حتى تخبرهم بمصابها ولكن حسن وضع أهلها تحت رحمته
انقطع الأتصال.. فعلى ما يبدو أن رصيدها قد نفذ.. طالعت هاتفها والعجز عاد يحتل عينيها
صورة والدها والأصفاد ملتفة حول معصميه وأخواتها يركضون خلفه ېصرخون ووالدتها تفترش الأرض منتحبة.. سقطت دموعها وهي تتخيل المشهد
نهضت من على الفراش تلتف حول نفسها تفكر كيف ستخلص والدها من مصيبته
مين اللي هيساعدك يا فتون.. سليم بيه هو اللي ممكن يساعدني.. انا مستعده اكون خدامة تحت رجليه بس يخلص أهلي من حسن.
يتبع..
بقلم سهام صادق
الفصل الخامس والعشرون حتى الفصل الثلاثون
الفصل الخامس والعشرون
_ بقلم سهام صادق
انتفضت من غفوتها تمسح حبات العرق المتناثرة على جبينها تحاول التقاط أنفاسها الهادرة تنظر حولها كحال اليومين السابقين كلما استيقظت هكذا.
انحدرت دموعها على خديها وشعور الوحدة والخواء يقتحمها
إنها وحيدة هنا بل في الحقيقة هي لقيطة لا تعرف لها عائلة .. لو كانت ناهد أخبرتها إنها يتيمة لكان الأمر أرحم عليها من تلك الكلمة التي لفظتها في وجهها دون رحمة.. وبعد أن توقفت عيناها عن ذرف الدموع عادت دموعها تسيل على خديها كشلال
ناهد رغم ما فعلته بها مازالت تراها والدتها لم تستطيع أن تراها إلا في صورة الأم.. خمسة وعشرون عاما قضتهما وهي لا تعرف أم غيرها مهما كانت درجة حبها إليها وتفرقتها في المعاملة بينها وبين مها وقد فهمت السبب أخيرا ويا له من سبب قټلها.. ليت ناهد عاملتها بأنانية طيلة العمر .. ليتها حرمتها من عاطفتها ليتها فعلت ما أرادت بها و ليت الكثير فعلته دون أن تنكشف تلك الحقيقة البشعة
منعرفش ليك أهل.. أهلك رموكي في الشارع.. لقيتك على الرصيف بټعيطي من الجوع والبرد صعبتي عليا اخدتك اربيكي.. بس في النهاية إيه اللي حصل سړقتي فرحة وسعادة بنتي حرمتيها من الإنسان اللي هي حبيته حرمتيني من إني أجوزها للراجل اللي عيشت عمري أتمناه ليها.. كان لازم تعرفي في يوم من الأيام إنك مش بنتنا وإن ليكي أهل يا عالم يا عايشين ولا ميتين..
كاميليا و عزالدين كانوا رفضينك لرسلان لأنهم عارفين الحقيقة.. محدش هيرضي يجوز أبنه من بنت ملهاش نسب ولا أصل
توالت العبارات على عقلها وكأنها ترفض منحها السلام حتى في سكون الليل.. كتمت صړختها المؤلمة تعض على أناملها تتذكر اللحظة التي ذهبت بها للمشفى كالسارقة تتلفت حولها حتى لا يراها أحدا ووقفت تنظر لذلك الراقد على سرير المشفى تتأمل ملامحه الطيبة تودعه بعينيها تخبر حالها إنها ستظل دائما تحبه فلم تعرف أب غيره
ودعت أحبابها قبل رحيلها.. عبدالله رسلان
الذي تمنت داخلها أن ينعم بالسعادة فما ذنبه أن يتزوج فتاة مثلها.
نهضت من على فراشها بعدما شعرت بحاجتها لأستنشاق الهواء.. ومن حسن حظها كانت شرفتها
متابعة القراءة