قطه في عرين اسد

موقع أيام نيوز

عز وجل
عاد مراد الى بيته فى المساء وتوجه الى غرفته دون أن يتحدث مع أحد .. راقبته أمه وهو يصعد الى غرفته بأعين ممتلئة بالحزن والحسړة .. دخل مراد غرفته وأغلق الباب .. ظل يتطلع الى كل شئ فيها .. كل شئ يذكره بها .. سريره الذى نامت عليه مريم .. وعلى تلك الأريكة كانت تجلس حامله حاسوبها على قدميها .. وتلك الشرفة كانت تقضى فيها الساعات مستندة الى سورها .. توجه الى الدولاب لإحضار ملابسه فتح الدولاب ليجد الرف الذى كان مخصص ل مريم فارغا الا من الملابس التى اشتراها لها مراد .. حمل تلك الملابس بين ذراعيه وتوجه بها الى فراشه يجلس عليه .. أخذ يتحسس ملابسها وكأنه يفرغ بها شوقه الى مريم قرب تلك الملابس من وجهه ليتشمم رائحتها .. شعر بالألم فى قلبه .. ترى ماذا تفعل الآن .. هل حزنت لفراقه .. هل هى بخير .. هل تحتاج لشئ .. هل هى بمأمن فى هذا البيت بمفردها .. هل تشعر بالوحدة .. هل تتمنى العودة .. هل تتطلع الى صور ماجد وخطاباته بعدما مزق مراد الحبل الذى كان يكتف به يديها 
شعر وكأنه سيجن لعدم استطاعته ايجاد اجابات لأى من اسئلته .. شعر بحنين جارف اليها .. أمسك هاتفه وأغمض عينيه .. تمنى لو استطاع الإتصال بها .. وسماع صوتها الذى افتقده .. والإطمئنان عليها .. لكنه لم يستطع .. لم تعد تحل له .. ولا هو يحل لها .
قالت سارة بحزن شديد 
مش قادرة أصدق ان مراد طلق مريم وانها خلاص معدتش هتعيش معانا تانى
قالت نرمين بحنق 
مش فاهمة ازاى يعني ده حصل فجأة .. يعني المشكلة بينهم ظهرت فجأة وكبرت فجأة لدرجة انه يطلقها .. وايه دى المشكلة اللى تخلى مراد يطلق مريم
كانت ناهد تستمع الي حديثهما فى صمت .. فقالت سارة موجه حديثها اليها 
ماما .. مراد مقالكيش ايه سبب طلاقهم
تنهدت ناهد قائله 
دى حاجة تخصهم يا سارة
قالت نرمين پحده 
بس احنا برده من حقنا نعرف .. ليه يحرمنا من مريم .. والله عمره ما هيلاقى زيها
قالت سارة بحزن 
يمكن هى اللى سابته يا نرمين
قالت نرمين بدهشه 
ليه يعني ايه اللى يخليها تسيب مراد
قالت سارة فى حيرة 
مش عارفه .. بس شوفتى مراد عامل ازاى .. قافل على نفسه ومبيكلمش حد .. لو هو اللى طلقها بمزاجه ايه اللى يخليه يضايق كده
قالت نرمين بتصميم 
خلاص نكلم مريم ونحاول نصلح بينهم
تدخلت ناهد قائله 
ملكوش دعوة باللى بين مراد و مريم مش عايزة حد يتدخل لو سمحتوا .. انتوا متعرفوش حاجة
أمسك سامر هاتفه وهو ينظر اليه فى تبرم ثم رد قائلا 
أيوة يا سهى
قالت سهى بلهفة وكأنها لا تصدق أنه أخيرا رد عليها 
سامر أخيرا رديت
قال ببرود 
كنت مشغول .. خير فى حاجة
قالت برجاء 
عايزة أتكلم معاك شوية
اتفضلى سامعك
قالت سهى بصوت حزين 
سامر أنا بس عايزة أسألك انت ليه لعبت بيا كده .. ليه عملت كده واقنعتنى ان ده جواز وحلال وانك هتتقدملى لما مشاكلك فى البيت تتحل .. ليه عملت كده 
قال سامر بنفاذ صبر 
بصى يا سهى انتى كنتى واحدة ساذجة أوى وسهله أوى .. بجد .. وانتى غلطانه زيي زيك لانك كنتى متساهله معايا حتى من قبل ورقة العرفى
قالت سهى بأسى 
بس يا سامر انت وعدتنى انك تتجوزنى وقولتلى انك بتحبنى ومش هتسيبنى أبدا
قال سامر بضيق 
الوضع اتغير
ايه اللى اتغير يا سامر .. طيب انت ليه مش عايز تتجوزنى .. خلاص يعني معدتش بتحبنى
قال سامر بهدوء 
بصراحة ومن الآخر عشان منتعبش بعض .. مش ممكن أتجوزك يا سهى .. مش ممكن أثق فيكي أبدا
قالت وهى تحاول أن تتمالك نفسها 
ليه يا سامر ليه متثقش فيا 
قال سامر 
لانك خنتى ثقة أهلك فيكي أضمن منين انك بعد الجواز متخنيش ثقتى فيكي يا سهى .. أضمن منين انك متكونيش سهلة مع غيري زى ما كنتى سهلة معايا
لم تستطع التحمل ولا التظاهر بالتماسك أكثر فأجهشت فى البكاء وتعالت شهقاتها قائله 
بس انت عارف انك أول راجل فى حياتى
قال بنبره منخفضه 
بردة مستحيل أثق فيكي
مرت فترة لا يسمع فيها الا صوت شهقاتها الى أن قالت بحزم 
دى مش غلطتك لوحدك ..
دى غلطتى أنا كمان .. زى ما انت قولت أنا كنت سهله أوى .. من قبل حتى الورقة اللى كتبناها .. وكان لازم دى تكون نهايتي .. أنا خلاص معدتش هطلب منك حاجه .. أنا هطلب من اللى أكبر منك ومن اللى أقوى منك .. آسفة طلبت الرقم غلط
قالت ذلك ثم أنهت المكالمة .. أغلق سامر هاتفه وهو يحاول أن يخمن معنى كلماتها
جلس مراد فى مكتبه يمسك أحد الكتب بيده لكن عيناه زائغة فى فراغ الغرفة .. أذهله هذا الشعور بالحنين الذى شعر به منذ أن رحلت عن البيت .. طوال الإسبوع وهو يشعر وكأنه فقد جزء من روحه .. جزء من نفسه .. حاول كثيرا أن يعود مراد القاسى متحجر القلب كما كان لكن هيهات .. القلب الذى دق من جديد لم تكفى قوته لإخماده واسكاته مرة أخرى .. أكثر ما كان يؤلمه هو رغبته فى الإطمئنان عليها .. لو علم فقط أنها بخير وسعيدة فى حياتها لربما ارتاح قلبه قليلا وخف عڈابه .. لكن عدم معرفته بحالها كاد أن يصيبه بالجنون .. أخذ يفكر فى آخر محادثة بينهما .. وفى كلماتها عن ماجد .. وعن الحب الكبير الذى جمعهما .. وعن ذكرياته التى تحملها له فى قلبها .. وعن كونه كان الحضن الدافئ لها بعدما فقدت كل عائلتها .. كان الدعامة التى ارتكذت عليها ومنعتها من الإنهيار .. كان يملء فراغ وحدتها القاتله .. أخذ يقارن بين ما فعله هو وما فعله أخوه .. هو تركها فريسة للوحدة .. طردها من بيته وأرغمها على البقاء فى عزلتها .. حرمها من صحبة أمه وأخواته وهو واثق تمام الثقة أنها أحبتهم حبا خالصا من قلبها .. تركها فى بيتها بمفردها وهو لا يعلم أتخاف من البقاء بمفردها أم انها اعتادت الوحدة .. اتخاف من النوم بمفردها ليلا .. أتسيطر عليها هواجس بإقتحام لص لمنزلها .. كيف تقضى طلباتها .. كيف تقضى أوقاتها .. رغما عنه شعر بالخۏف يجتاح كيانه .. خوف عليها ومنها .. أراد أن يهرع اليها ويعانقها ويدخلها سجن ذراعيه قسرا وألا يتركها أبدا .. لكنه تذكر كيف كانت تصر على طلب الطلاق .. كيف أوضحت له مدى عڈابها بإبتعادها عن ذكريات حبيبها الراحل .. كيف أنها مرغمة على هذه الزيجة وأنها تود الخلاص منها والعودة لبيتها .. اذن فهى سعيدة .. سعيدة بهذا الطلاق الذى أراحها من حمل أثقل كاهلها .. سعيدة لأنها تخلصت منه ومن كل ما يمت له بصله .. لكن لماذا لم يرى السعادة فى عينيها وهما ذاهبان للمأذون .. لماذا لم ير تلك السعادة بعد أن ألقى على مسامعها كلمة الطلاق .. لماذا لم يرى تلك السعادة على وجهها وملامحها وفى عينها وهو يودعها أمام باب بيتها .. إن كانت سعيدة حقا لماذا لم يبدو ذلك عليها !!
جلست مريم على أريكتها تشاهد التلفاز .. شعرت پألم فى بطنها فتذكرت بأنها لم تتناول شيئا منذ يومين .. قامت بتكاسل الى المطبخ وفتحت الثلاجة لتجدها فارغة .. تذكرت أن طعامها نفذ ونسيت أن تشترى ما تسد به جوعها .. ذهبت الى غرفتها وارتدت ملابسها بآليه وكأنها آله نفذ منها الوقود وتحتاج اليه فقط لتستمر فى العمل .. بلا أى شعور بالإستمتاع .. ولا بالحياة
أوقف مراد سيارته على بعد عدة أمتار من بيتها .. أوقف عمل المحرك ورفع رأسه لينظر الى شرفة بيتها المظلمه .. نظر الى الشباك المجاور للشرفة ليجد النور مضاءا .. اذن فهى فى البيت .. ترى ماذا تفعل الآن .. لا يعلم لماذا جاء هنا .. وماذا يفعل هنا .. وماذا يريد .. كل ما يعلمه هو أنه شعر أنه يجب أن يكون هنا .. حيث هى .. لا يراها لكنه يشعر أنه بالقرب منها .. وهذا الشعور يريح قليلا قلبه المكلوم .. لم يصدق عينيه وهو يراها تخرج من بوابة البيت .. ظن بأنها هلاوس بصرية من كثرة تفكيره بها .. لكن دقق النظر ليجدها هى .. مريم .. ترى أيتخيل أنها فقدت وزنها أم أنها ضعفت بالفعل .. كانت واجمة تنظر يمينا ويسارا لتعبر الطريق ونظرة حزن عميقه فى عينيها .. شعر وهو ينظر اليها بمدى شوقه لرؤيتها .. للحديث معها .. حتى ولو كان شجارا .. حتى ولو كان صړاخا .. افتقد صوتها افتقد عينيها افتقد ابتسامتها التى قلما رآها .. عبرت الطريق لتتوجه الى السوبر ماركت أمامه .. أدار المحرك ورجع بسيارته الى الخلف ليخفيها خلف سيارة أخرى مرصوصه على جانب الطريق .. راقبها وهى تخرج من السوبر ماركت وهى ترقب الطريق مرة أخرى لعبوره .. ود لو خرج من سيارته وتوجه اليها .. لكن بأى صفة سيتحدث معها .. وماذا سيقول لها .. قبل أن تهم بدخول البوابة أوقفها رجل ما .. ظل مراد ينظر اليهما بإمعان محاولا معرفة ما يحدث .. بالطبع لم يسمع الحوار الدائر بين مريم والرجل الذى قال لها 
لو سمحتى يا آنسه تعرفى فين صيدلية ......
قالت مريم بهدوء وهى تشير بيدها لتريه الطريق 
أيوة حضرتك ادخل الشارع ده وبعدين ادخل أول يمين
قال الرجل لها شاكرا 
متشكر أوى
شعر مراد بالغيرة والڠضب بداخله لحديثها مع رجل آخر .. كان من الواضح أنها تصف له طريق شئ ما .. ولم تتحدث الا لثوانى معدودة .. لكنه شعر بالغيرة الشديد لان حتى تلك الثوانى هو محروم منها .. دخلت البيت وأنظاره مثبتته عليها الى ان اختفت
عاد مراد الى بيته فخرجت ناهد من غرفة الجلوس تستقبله بعدما سمعت صوت السيارة .. عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت ببرود 
ان شاله تكون مبسوط ومرتاح
نظر مراد اليها شذرا .. فقالت 
هتتعشى ولا زى كل يوم 
قال مراد ببرود 
مليش نفس
قالت ناهد بحنق 
والله .. ليه .. انت مش عملت اللى انت عايزه وارتحت
قال مراد پحده 
عملت اللى هى عايزاه مش اللى أنا عايزه
هتفت ناهد غاضبه 
بص يا مراد أنا ليا عينين بشوف بيهم وبحس باللى أدامى ده غير ان ميفهمش الست الا الست .. مريم كانت ابتدت تحس بحاجه نحيتك بس باللى انت عملته ده هديت كل حاجه
صمت مراد وهو غير مقتنع بكلام أمه فأكملت قائلا بحزن 
بالله عليك مش صعبانه عليك .. دى يتيمه ولوحدها .. كانت عملالك ايه يعنى .. كانت مضايقاك فى ايه .. دى يا حبيبتى مكنش حد بيحس بوجودها .. ومكنتش بتضايق حد .. والبنات حبوها أوى وهى كمان كانت بتحبهم أوى .. سايبها تعيش لوحدها ليه .. ما كانت عايشة وسطنا يا مراد ..
مكنش ينفع الوضع يستمر كده ..
هى برده من حقها تعيش حياتها مع الراجل اللى تختاره .. مش جوازه مفروضه عليها
قالت ناهد بحزن 
طيب لو سمحت خدنى ليها بكرة عايزه أزورها .. موبايلها مقفول من ساعة ما سابت البيت .. غلبت مكالمات ليها ورسايل بس شكلها مش بتفتحه خالص .. وقلبي واجعنى عايزة أطمن عليها
قال مراد بصوت خاڤت 
متقلقيش هى كويسة
قالت ناهد وهى تنظر اليه بتمعن 
عرفت منين ان هى كويسة 
قال مراد وهو يتحاشى النظر اليها 
لسه شايفها من شوية
قالت أمه بدهشة 
شايفها فين 
قال مراد بضيق 
شايفها أدام بيتها
رفعت ناهد حاجبيها بدهشة وقالت بتهكم 
وانت ان شاء الله ايه اللى موديك نحية بيتها .. صدفة ولا الهوا رماك 
نظر اليها مراد بحدة ثم توجه الى السلم ليصعد الى غرفته وناهد ترمقه بغيظ
هتف حامد بفرحه 
المعلومات دى أكيده 
قال المحامى الخاص به مبتسما 
طبعا أكيده يا حامد بيه هو أنا عمرى قولتلك حاجة وطلعت غلط
ضحك حامد ملء فمه وهو يقول 
يعني عايشة لوحدها وملهاش حد لا أب ولا أخ ولا أى حد وكل أهلها فى الصعيد وسايبنها هنا لوحدها وكمان مراد طلقها من 10 أيام .. حلو أوى أوى أوى
ابتسم المحامى قائلا 
ناوى على ايه يا باشا 
قال حامد بخبث وابتسامته تملء وجهه 
ناوى ألعب على المكشوف مادام القطة معدتش فى حماية الأسد
طلبين مدام مريم تانى فى القسم
قال محامى مراد هذه العباره فأجابه مراد على الهاتف بحنق 
وليه عايزنها تانى هى مش خلاص قدمت شهادتها
قال المحامى 
محامى حامد بيقول انك انت اللى خليتها تشهد وتقول الكلام ده وانها كانت خاېفة منك وعشان كده قالته بس هى دلوقتى اطلقت ومعدتش خاېفة منك وهتغير أقوالها
قال مراد پغضب وضيق 
وهما لحقوا عرفوا اننا اطلقنا
قال محاميه 
أكيد طبعا ما هيصدقوا يمسكوا فى أى حاجة
قال مراد بضيق 
مش عايزها تدخل القسم تانى .. حاول تشوف حل تانى
قال المحامى 
لو كان فى مكنتش اتاخرت ..بس طلبين يسمعوا شهادتها تانى
زفر مراد بضيق وقال 
طيب أنا هتكلم معاها .. امتى تروحلهم 
قال المحامى 
طلب الاستدعاء خلاص طلع يعني المفروض تروح من بكرة
قال مراد 
طيب خلاص هبلغها
حاول مراد الاتصال بها دون جدوى .. كان هاتف مريم مغلق .. حمل نفسه الى سيارته وتوجه الى بيتها .. طرق الباب عدة طرقات قبل أن يسمع صوتها من خلف الباب 
مين 
صمت لحظة ثم قال
مراد
ارتجف قلبها وهى تسمع صوته .. تسمرت مكانها للحظة وهمت بان تفتح الباب .. لكنها تذكرت أنه لم يعد يحل له رؤية شعرها .. أصبح كالغريب تماما .. ارتدت اسدالها وفتحت الباب .. وقع نظرها على صفحة وجهه .. شعرت بإشتياق شديد لتلك الملامح التى افتقدتها .. ذكرت نفها بأنه رجلا غريبا عنها لم يعد يحل لها النظر اليه هكذا فأشاحت بوجهها .. تأملها مراد للحظة ثم خفض بصره قائلا 
انتى كويسه 
قالت بصوت منخفض دون أن تنظر اليه 
الحمد لله
صمت كلاهما .. قالت بإضطراب وهى تتطلع الى أعلى السلم 
لو سمحت مينفعش وقفتنا كده .. انا عايشه لوحدى
آلمه كلامها الذى ذكره بأنه لم يعد يحل له منها شئ .. أى شئ .. فقال بهدوء 
أنا جيت بس أعرفك انهم محتاجين شهادتك تانى فى
تم نسخ الرابط