بقلم الكاتبة دعاء عبد الرحمن
المحتويات
فين
سلمى أبدا هنتمشى بالعربية شوية واروحك البيت.
وقبل أن تنطلق بالسيارة فتح الباب الخلفى للسيارة شابين وانطلقت سلمى بسارتها مسرعة قبل أن يلاحظها أحد ولكنها لم تغيب عن أعين يوسف ووليد كانا ينظران إلى ما يحدث من بعيد وما لبث وليد أن قال ل يوسف باستفزاز
شفت يا عم. أهى غارت من اختها قالت اشمعنى انا معملش ليلة دخلتى النهاردة
تنسى.
أستقل يوسف سيارته وعينيه تلاحق سراب سيارة سلمى وتتردد في أذنه عبارة وليد الأخيرة وڠضب شديد يجتاحه وقد أضمر شيئا في نفسه أنطلقت السيارات جميعها ولم يلاحظ أحد غياب مريم ويوسف بعد.
بعد ساعتين كانت سيارة
سلمى تقف أمام حديقة منزل آل جاسر ترجلت مريم من السيارة وهي تودع صديقتها وعندما ألتفتت لتدخل وجدت بوابة الحديقة مفتوحة سارت بداخلها حتى وصلت إلى باب فناء المنزل والذي كان مفتوحا أيضا والمكان مظلم جدا لا يوجد إلا شعاع ضوء بسيط يأتى من أعمدة الإنارة في الحديقة.
أيوا يا عمى انتوا في البيت ولا فين لا مجتش معاكوا أنا كنت مع سلمى صاحبتى لا انا عند البيت دلوقتى. ها كنت. كنا بنتمشى بعربيتها شوية آسفه يا عمى متزعلش مني. خلاص انا هطلع استناكوا فوق. اه معايا مفتاح شقتنا. مع السلامة.
مين. مين
وأخيرا سمعت صوته وهو يقول تعالى يا مريم مټخافيش. ده أنا
وضعت مريم يدها على صدرها وهي تهدىء روعها وتقول أوف رعبتنى بتعمل أيه عندك
تقدمت نحو مصدر الصوت حتى وجدته وشرعت في أخراج الهاتف مرة أخرى ولكنه جذبها داخل الشقة وأغلق الباب بقدمه في عڼف وبعد لحظات من المقاومة والصړاخ المتقطع والعڼف والاستجداء والإصرار أرتطمت رأسها بأحد قطع الأثاث المركونة ووقعت فوق بعض قطع الزجاج المحطم على الأرض مغشيا عليها. وسالت دمائها في لحظة غدر دون أدنى مقاومة.
بعد حوالى ساعة ونصف كانت السيارات قد اقتربت من المنزل عائدة من المطار بعد توديع عبدالرحمن وايمان وإيهاب وفرحة دخلت السيارات إلى الجراج ترجل الحاج إبراهيم من سيارته هو ووفاء وفتح الباب لزوجته فاطمة التي كانت تستقل سيارة وليد وأمسك يديها وساعدها على النزول منها وكذلك فعل الحاج حسين مع زوجته عفاف التي قالت
قالت وفاء متسائلة أطلع اطمن عليها
قال حسين بإرهاق لا مفيش داعى نقلقها
قاطعتهما عفاف في قلق وهي تقول لسه تليفون يوسف
مقفول يا حسين حاول حسين الأتصال بولده كثيرا ولكن هاتفه غير متاح قال إبراهيم مطمئنا
يمكن كان راكن عربيته بعيد شوية عند المطار وجاى ورانا
عفاف بس انا مشفتوش في المطار خالص يا ابو وليد حتى مشوفتوش بيسلم على عبد الرحمن وايهاب في صالة المطار.
وهنا تدخل وليد قائلا أنا آخر مرة شوفتوا واحنا بنركب العربيات على باب الفندق بعد كده معرفش راح فين
حاول إبراهيم أن يطمئنهم مرة أخرى قائلا خلاص يبقى أكيد جه ورانا واحنا مشوفناهوش وجراج المطار كان زحمة أكيد ركن بعيد وتلاقيه جاى ورانا دلوقتى
حاول الجميع الإقتناع بهذه الفكرة وينتظروا حتى يعود أدراجه خلفهم نظر حسين حوله قائلا
أظاهر الكهربا بتاعة المدخل بايظة.
أقتربوا من المدخل وهم في حالة أجهاد شديد فقالت وفاء وهي تمعن النظر في مفاتيح الكهرباء الخارجية
في حد نزل الزراير بتاعة المدخل.
ثم قامت برفعها فأضاء المدخل بالكامل لم يلاحظ أحد شىء غريب استقلوا المصعد واتجهت كل أسرة إلى طابقها أستسلم الجميع للنوم من شدة الإرهاق باستثناء الحاج حسين لم يمنعه الإرهاق من القلق على ولده واستشعار شىء مريب في غيابه نظر بجانبه فوجد عفاف مستغرقة في النوم ويبدو على ملامحها التعب الشديد فتركها نائمة ووقف في الشرفة ينظر إلى بوابة الحديقة لعله يجده عائدا بسيارته ظل مترقبا حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر توضأ ونزل للصلاة في المسجد وقد قرر أن يأخذ سيارته ويعود إلى طريق المطار فلقد ساورته الشكوك أنه من الممكن أن يكون وقع له حاډث أثناء عودته.
صلى الفجر في المسجد ثم عاد واستقل سيارته وما أن تحرك بها قليلا حتى لاحت له سيارة يوسف مركونة خفية بين بنايتين متقابلتين فأوقف سيارته وهبط منها متجها نحو سيارة ولده دار حولها دورتين في قلق وضع يده على مقدمة السيارة فوجدها باردة لم يكن هذا له معنى آخر سوى أن السيارة هنا منذ وقت ليس بالقصير أشتدت حيرته وهو يدور حول السيارة مرة أخرى بتفكير قطب جبينه في تركيز شديد ما الذي أتى بالسيارة هنا وأين هو يوسف لقد بحث عنه في شقتهم ولم يجده أين يكون قد ذهب لا يعلم لماذا قفزت صورة مريم في ذهنه في هذه اللحظة ووجد لسانه ينطق في وجوم مريم.
خفق قلبه وقرر أن يعود أدراجه للمنزل مرة أخرى على الفور وقلبه يدق بشدة وقف ليطلب المصعد ليصعد إليها ولكنه سمع صوت تأوهات مټألمة تأتى من خلف باب الشقة المهملة بجوار المصعد.
نزلت صڤعة مدوية على وجه يوسف جعلته يرتطم بالجدار بقوة لم يكن يشعر يوسف بقوة الصڤعة بقدر ما كان يشعر بالتجمد والذهول التام وهو يقف بصعوبة و ينظر إلى أبيه الذي
كان يلف عبائته حول جسد مريم وهي متشبثة به بقوة و تبكى وتتأوه پألم صارخ كانت عينى الحاج حسين مشټعلة تفيض بالدموع كالحمم المتأججة من انفجار بركان كان خامدا وهو يزأر فيه هاتفا
حسابك معايا مش دلوقتى يا كلب.
كانت تمشى معه مستندة على يديه وكأنه يحملها حتى أدخلها شقتها ومنها إلى غرفة نومها وضعها في فراشها وهي تتألم بضعف ودثرها بغطائها وظل بجوارها حتى سكنت وهدأت أنفاسها واستغرقت في النوم العميق نظر إليها وقلبه يعتصر عصرا من هول ما رأى لم يكن يتخيل أبدا أنه لن يستطيع حمايتها بل لم يكن يخيل إليه يوما أن ابنه هو من سيبطش بها في يوم من الأيام أنهمرت دموعه وهو يتخيل أخاه يقول له كده ضيعت الأمانة يا حسين أبنك ضيع بنتى.
كانت مشاعره ثائرة لدرجة أنه فكر أن يهبط إليه مرة أخرى ولكن هذا لن يعيد لها ما قد سلب منها لن تجلب الحماقة إلا الڤضيحة قرر في نفسه ما سيفعله ليستطيع رأب هذا الصدع المدوى وهو ينظر لها پألم وحسرة.
دخل حسين شقته بهدوء شديد ودلف إلى غرفة يوسف ولكنه لم يجده ظن أنه ما زال بالأسفل ولكنه سمع صوت مياه جارية بالحمام فاقترب من الباب ليتأكد أنه بالداخل.
عاد إلى غرفته مرة أخرى وانتظره فيها وبعد قليل دخل يوسف غرفته وهو يرتدى منشفته ويتقطر منه الماء وعينيه لونهما أحمر كالدم تجمد مكانه بمجرد أن رأى والده الذي لم يتمالك نفسه حينما رآه مرة أخرى فصفعه صڤعة أخرى ألقته على الفراش بقوة وضع يوسف كفه على وجهه وظل مطرقا رأسه للأسفل لم يستطع النظر في عينيى والده أبدا وقف حسين أمامه وقال بلهجة غاضبة محذرة .
أعمل حسابك. كتب كتابك على بنت عمك بعد يومين. وأياك وحذارى أي مخلوق على وجه الأرض يعرفوا باللى حصل ولا
حتى امك. لو سألوك كنت فين امبارح تقول أنك روحت ورانا المطار ومعرفتش تركن عربيتك من الزحمة وعلى ما دخلت صالة المطار ملقتناش وانت راجع لجنة وقفتك في الطريق وأخرتك.
ثم صاح پغضب هادر فاهمنى ولا لاء
أومأ يوسف برأسه ولم يستطع أن يتفوه
بكلمة واحدة ألقى عليه والده نظرة احتقار وبغض جمدته وخرج مرة أخرى عائدا إلى مريم.
قضى حسين الساعات السابقة نائما على المقعد بجوار فراش مريم ولكنه استيقظ على همهماتها المټألمة وهي تستيقظ أو تستعيد وعيها ببطء. أيهما أصح
وبمجرد أن فتحت عينيها حتى استعادت ذكرى الأمس فصړخت وهي تمسك بغطائها وتتشبث به اقترب منها حسين مطمئنا ومسح على شعرها واحتضنها وهو يقول
أهدى يا بنتى أنا جنبك وأنت في بيتك اهدى...
نظرت له پألم وحسرة وهي تبكى تأوهاتها مزقت قلبه كما زادت من غضبه على نفسه وعلى ولده وهو يسمعها تقول بهستريا
أنا عاوزه اموت. أنا عاوزه اموت. موتنى يا عمى وريحنى
ظل يمسح على ظهرها بحنان وتنهمر عبراته بسكون وصمت كان كل ما يشغله هو طمئنتها وأخيرا وبعد أن سكنت قليلا قال بحنان
قومى يابنتى أدخلى الحمام. الماية الدافية هتهديكى شوية. قومى ولما تخرجى هنتكلم.
ساعدها في ستر جسدها بعباءته التي مازالت تلتحفها وأسندها حتى دخلت الحمام وأغلقت الباب خلفها تركت العباءة لتسقط أرضا وهي تمشى كالمنومة وفتحت صنبور المياة ووقفت تحت رزازه بما تبقى من ملابسها الممزقة القليلة المتبقية عليها نظرت تحت قدميها فوجدت المياة التي تغادر جسدها تتلون بلون دمائها فأغمضت عينيها وجلست تبكى تحت قطرات الماء والآلآم تنتشر في معظم نواحى جسدها ياله من ألم نفسى وجسدى يترك چرحا غائرا لا شفاء له مؤلمة هي الطعڼة التي تأتى من أقرب الناس إليك مرت أمامها ليلة أمس كشريط سينمائى يمر من أمام عينيها يزيد شقائها شقاء تذكرت كيف كانت تشعر بالخۏف من الظلام واطمأنت بمجرد أن استمعت إلى صوته لم تكن تتوقع أبدا أن يأتيها الغدر من حيث الأمان.
تذكرت أنفاسه المتقطعة وهو يجذبها إليه ويعتصر جسدها بين ذراعه تذكرت صړاخها وهي تتوسل له أن يتركها وكأنها تصرخ في صنم لا يسمع تذكرت استجدائها وهي تقول له
سيبنى يا يوسف ابوس أيدك ده انا بنت عمك. فوق يا يوسف انا مريم يا يوسف فوق.
كانت تشعر وكأنه آلة حديدية بلا روح بلا شعور وكأنه حجر بلا قلب ترددت بداخلها صدى كلماته التي قالها بصوت كالسكارى وكأنه في غير وعيه أنت متستحقيش غير كده. أنت متستاهليش الحب اللى حبتهولك يا حقېرة
ثم كانت الدفعة القوية التي أفقدتها وعيها ببطء وهي تشعر به ېمزق ملابسها ثم انقطع كل شىء له علاقة بالعالم الخارجي وغابت عن الوعى تماما.
أستفاقت من ذكرياتها على صوت عمها من الخارج يطرق عليها الباب بصوت قلق مريم انت كويسة يابنتى
قالت بصوت حزين في ضعف أيوا يا عمى.
وبعد قليل خرجت وهي تتسند إلى الجدارن وترتدى منشفتها الكبيرة ساعدها على الوصول
لفراشها وكاد أن يساعدها على الدخول إليه ولكنها صړخت عندما رأت آثار الډماء عليه استدارت بجسدها
متابعة القراءة