بقلم منال سالم
المحتويات
الظاهر على وجه أبيه واستطرد حديثه قائلا بنبرة شبه حادة ومشيرا بكفه
اعذرني يا حاج لو هاقطعك!
رد عليه أباه قائلا بتنهيدة متعبة وهو يضرب بعكازه الأرضية
سلط منذر أنظاره القوية على ضيفه وهتف قائلا بجمود
شوف يا حاج مهدي احنا عند اتفقنا وبدأنا في التوضيب والتوسعات بس في كام حاجة معطلة الموضوع شوية ومأخراه!
مش فاهم ده معناته ايه
مد طه يده ليربت برفق على فخذ مهدي قائلا بابتسامة باهتة
كل خير اطمن!
الحكاية باختصار إن في دكان في نص المحلات اللي بنفتحها على بعض مش بتعنا احنا هنشتريه من أصحابه ومستنين يوقعوا ورق البيع ونبتدي على طول!
حرك مهدي رأسه متفهما
رد عليه طه بزفير عميق
ربنا كريم!
هب مهدي واقفا من مقعده بعد أن اطمأن على سير الأمور وفق ما يريد وتشدق قائلا
نهض طه هو الأخر من على المقعد مرددا بعتاب مجامل
ما بدري هو انت لحقت تاخد قهوتك ولا.....
قاطعه مهدي بصوت هاديء
أومأ طه برأسه متفهما وهو يقول
ماشي
ودعهما مهدي قائلا بابتسامة ودودة
فوتكوا بعافية سلامو عليكم!
رد عليه منذر بصوت قاتم وهو يتابعه بنظرات حادة للغاية
وعليكم السلام!
ثم الټفت برأسه نحو أبيه لتزداد نظراته عمقا وتابع بنبرة مرتابة
زيارته دي مش مريحاني!
رد عليه طه بهدوء هو يعاود الجلوس على مقعده
عاوز يطمن يا بني ما انت عارف!
انزعج منذر من أسلوبه المشكك وصاح بضيق واضح
هو كان كلام عيال!
رد عليه أباه بهدوء محاولا امتصاص نوبة غضبه قبل أن تندلع
لأ بس ابنه مش راجل في كلامه!
هتف منذر قائلا بنبرة متوعدة وقد ضاقت نظراته بصورة مخيفة
والله اللي حايشني عنه هو انت يا حاج!
ربت والده على كتفه قائلا بنبرة متريثة
ده مش من قيمتك يا بني ركز انت بس في شغلك
ضغط منذر على شفتيه ليردد بصعوبة
ماشي! هاركز!!!!!!
أوصدت حنان الخزنة المعدنية القديمة الموجودة بالرف السفلي بخزانة ثيابها الخشبية بعد أن وضعت عدة ملفات وأوراق على حجرها.
تراجعت بمقعدها المتحرك للخلف ثم أغلقت ضلفتي الخزانة واستدارت نحو فراشها.
بدأت هي في مطالعة محتوى الملفات أولا باحثة عن شيء محدد ألا وهو صك ملكية الدكان
لم تجده وسطهم فتنهدت بإستياء واكتسى وجهها بعلامات الضجر.
ولكن استرعى انتباهها ذلك المغلف القديم الموضوع وسط الأوراق.
أمسكته بأطراف أناملها وتأملته وهي تديره بأصابعها للجانبين محاولة اكتشاف مابه. ولكنه كان خاليا من أي معلومات تشير إلى محتواه.
وبحذر شديد قامت بفتحه لتخرج ورقة مطوية بعناية.
حدقت فيها بإستغراب ثم قامت بفردها لتقرأ بصوت شبه مسموع ما دون أعلاها
عقد بيع
خفق قلبها إلى حد ما وابتلعت ريقها بتوتر ثم تابعت قراءة ما كتب فيها بتأن شديد.
اتسعت حدقتيها مع كل كلمة تقع عيناها عليها وارتسمت علامات الذهول الممزوجة بالصدمة على قسمات وجهها المرهق.
تسارعت
أنفاسها وهي تردد بنبرة مصډومة متلعثمة
أتنازل عن حصتي المملوكة في ميراث أبي بدكان عطارته لابنتي أسيف بيعا وشراءا
هزت حنان رأسها مستنكرة ما فعله زوجها ورددت بقلق كبير
ليه عملت كده يا رياض ليه.!!!
يتبع الفصل التالي
الفصل السابع
احتارت كثيرا في سبب إقدامه على فعل هذا دون إبلاغها بالأمر أو حتى التلميح عنه.
ربما هو أراد حمايتها بتلك الطريقة وإعطائها ما تستحق دون الدخول في مشاحنات أو ما شابه لكنها باتت تخاف أكثر من تحول الأمر للعكس.
دراية تامة بشراسة طباعهم ونواياهم الدنيئة وقد كانت هي إحدى ضحاياهم قديما حينما افتدت
وقتها قرر رياض الزواج منها وتحسرت حنان على حالها فقد اعتقدت أنه زواجا لمجرد الشفقة والتعويض لكنه أثبت لها على مدار السنون أنه زواجا قائما على الحب والمودة والعشرة الطيبة.
مط الحاج طه فمه للأمام وهو يطالع باهتمام بعض التجديدات التي طرأت في المحال المملوكة له أسفل البناية موضع الاتفاق وهو يقف على مسافة جيدة لتمكنه من الرؤية بوضوح.
بالطبع كان الدكان العتيق يفصل بين تلك المحال ويحول دون توسعها بالشكل المطلوب.
شبطوا المحارة خلينا نشوف هنعمل ايه
خرج أحد العاملين بالداخل ليرد بجدية
كله تمام يا حاج المونة تنشف ويبدأ الكهربائي شغله ويرمي مواسير الكهربا
أشار العامل بيده للأمام قائلا بجدية
هي العطلة بس من الدكان ده! واقف في النص و....
قاطعه طه قائلا بغلظة قبل أن يتمم الأخير عبارته
خلصوا شغل في اللي معاكو وربنا يسهل في الزفت ده!
هز العامل رأسه إيجابا وهو يردد بخنوع
أوامرك يا حاج!
ثم دس الحاج طه يده في جيب جلبابه الرمادي ليخرج هاتفه المحمول منه ووضعه على أذنه بعد أن ضغط على زر الاتصال بابنه البكري.
انتظر للحظات قبل أن يسمع صوته على الطرف الأخر فهتف عاليا
ايوه يا منذر انت فين
أجابه منذر بصوت جاد
بأخلص كام مصلحة يا حاج
هتف فيه أباه بصلابة
طب يا بني أما تفضى عدي عليا عاوزين نروح لعواطف النهاردة
رد عليه منذر بصوت خشن
حاضر اديني ساعة زمن!
أخذ الحاج طه نفسا عميقا وزفره دفعه واحدة ليجيبه بإنزعاج ملحوظ
ماشي يا بني الله يعينك
سلام يا حاج
حدجت جليلة ابنتها الصغرى أروى بنظرات حادة وهي تصيح فيها بصوت آمر بعد أن ضجرت من تكاسلها عن استذكار دروسها
يا بت اعملي الواجب بتاعك!
نفخت الصغيرة بعبوس ظاهر على محياها وهي تردد
مش فاهمة فيه حاجة خليني أخد درس!
هتفت فيها بصوت ممتعض وهي ترفع حاجبها للأعلى
أبوكي قايل مافيش طلوع من البيت عاوزة تتبهدلي تاني!
زفرت أروى مجددا قائلة بإستياء وهي تستند بوجهها على كفيها
يووه أنا زهقت مش فاهمة حاجة خالص والواجب كتير وصعب أوي.
أضافت والدتها قائلة بنبرة حاسمة
أما يجي
أبوكي هاكلمه في الموضوع ده وبالمرة يشوف أبلة تذاكر للواد يحيى هو كمان!
تهللت أساريرها نسبيا بعد اقتراح والدتها وهتفت متسائلة بتفاءل
طيب والواجب
استني أما يرجع حد من أخواتك الكبار ويساعدوكي فيه أنا مش فاهمة منه كلمة
ماشي يا ماما ينفع اتفرج على التلفزيون
ردت عليها جليلة بعدم مبالاة وهي تهز فمها للجانبين
قومي ماهي مش جايبة همها!
نهضت أروى سريعا من مقعدها وهي تدندن بسعادة فنظرت لها والدتها بإندهاش من تصرفاتها الطفولية ثم نهضت هي الأخرى عن الطاولة وقامت بجمع مذكرات وكتب صغيرتها ورصتهم فوق بعضهم البعض.
انتبهت هي إلى صوت رنين الهاتف الأرضي فتحركت بتمهل نحوه لتجيب عليه.
استمعت للصوت الأنثوي الذي أتاها على الطرف الأخر فعرفت هويتها فورا.
تبدلت ملامح وجهها للعبوس وتحولت نظراتها للإنزعاج ثم تابعت قائلة بامتعاض جلي
ايوه يا ولاء خير
ظلت جليلة صامتة لبرهة مصغية لما تقوله طليقة ابنها وردت عليها باقتضاب
يحيى نايم يا حبيبي جاي تعبان من مدرسته
سكتت عن الحديث لتستمع لها وأضافت بإيجاز
ماشي أما يصحى هخليه يكلمك سلام
نفخت بإشمئزاز ووضعت السماعة بضيق كبير ثم هتفت بنبرة تحمل البغض والغل
ربنا يريحنا منك لولا الواد كنت آ.... استغفر الله العظيم دايما تفور دمي كده!
على الجانب الأخر طلبت حنان من ابنتها أن تنهي أعمال المطبخ سريعا لتجلس معها لتتحدث الاثنتان في أمر هام.
ظل بال أسيف مشغولا وهي تجفف الصحون محاولة تخمين ذلك الموضوع الطاريء الذي تريد والدتها مفاتحتها فيه.
جففت يديها وتوجهت إلى غرفة مكتب أبيها حيث تتواجد أمها ثم جلست على الأريكة بجوار مقعدها المتحرك.
حدقت فيها حنان بنظرات عميقة قبل أن تجيبها بحذر
أسيف كنت محتاجة أحكي معاكي في حاجة!
استشعرت هي وجود خطب ما فوالدتها منذ باكر تبدو على غير طبيعتها. يوجد شيء ما يشغل
ابتسمت والدتها ابتسامة هادئة وأجابتها بصوت خفيض وهي توميء برأسها بإيماءة خفيفة
اطمني يا بنتي!
ربتت على فخذها برفق وهي تتابع بتنهيدة خاڤتة
أنا الحمدلله في أحسن حال
تنفست أسيف الصعداء وهي تجيبها
يا رب دايما
ترددت حنان نوعا ما في كيفية البدء في الحديث الجدي ولكن لا بديل عن فعل هذا.
ابتلعت ريقها وأردفت قائلة
الموضوع بخصوص أبوكي الله يرحمه!
خير
ترددت والدتها في إبلاغها بصراحة.
صمتت للحظات ثم استطردت حديثها قائلة بتلعثم ملحوظ
كنا اتكلمنا قبل كده عن... عن عمتك عواطف والقطيعة اللي بينا!
هزت أسيف رأسها بإيماءة قوية مرددة بنزق
ايوه بس حضرتك مش حكيتي أي تفاصيل
أخفضت حنان نظراتها قليلا وردت بحذر
سيبك من التفاصيل دي المهم عندي تعرفي بموضوع الدكان
هتفت أسيف متسائلة بجدية
ورث بابا من جدي خورشيد
أجابتها حنان بهدوء وهي تسلط أنظارها عليها
ايوه!
ساد صمت قليل بينهما ولكنه مليء بالكثير من خلال نظراتهما العميقة.
عمتك قالت إن حقنا في الدكان محفوظ!
استعادت هي سريعا في ذاكرتها ما دار في المكالمة الأخيرة مع عمتها. لذا حركت رأسها إيجابا مرددة
اه الرسالة اللي قالتلي أوصلهالك
تابعت والدتها قائلة بغموض
مظبوط ورياض الله يرحمه عمل ده وحفظلك حقك!
عقدت أسيف
ما بين حاجبيها متعجبة ثم رددت بحيرة وهي تحاول تخمين المغزى من عبارة أمها الأخيرة
مش فاهمة!!!!
حدقت فيها حنان بنظرات ثابتة ولم تطرف عيناها لثوان وكأنها تستمد قوتها لتقول بنبرة متريثة
أبوكي اتنازل عن نصيبه بالكامل ليكي!
اتسعت مقلتي أسيف بإندهاش كبير ولم تصدق ما سمعته توا.
استأنفت حنان حديثها بهدوء مريب للغاية
وده العقد بتاعه!
طب بابا عمل كده ليه
هزت والدتها كتفيها نافية وهي تجيبها بصوت هاديء
رمشت أسيف بعينيها متسائلة بنبرة قلقة
طب وانتي يا ماما كنتي عارفة بده
حركت رأسها بالنفي وهي ترد
لأ للأسف أنا اتفاجأت باللي عمله!
أعادت أسيف التطلع للعقد مجددا لتقرأه بتمعن.
طب.. طب وهانتصرف ازاي يعني عمتي عارفة
أجابتها والدتها بهدوء
بيتهيألي لأ
صمتت الاثنتان مجددا ليفكرا في الأمر بروية.
نظرت أسيف للموضوع من زاوية مختلفة نسبيا عن السابق فخفت حدة توترها نوعا ما وبدأت في حساب الأمور من منظور أخر.
ابتسمت برقة وهي تهمس
ماما
حدقت فيها حنان قائلة
ايوه يا حبيبتي
استغربت حنان من تبدل حال ابنتها وسألتها بنزق
بمعنى
بررت أسيف ما عقدت العزم عليه قائلة بنبرة عقلانية
يعني أنا فكرت قبل ما أعرف بالعقد ده إننا نروح عند عمتي!
ضاقت نظرات حنان وقطبت جبينها بضيق بائن ثم هتفت غير مصدقة ما قالته
شعرت أسيف بإستنكار والدتها لتفكيرها في هذا الأمر وتابعت معللة بهدوء محاولة الحفاظ على ثبات ردة فعلها المتحفزة
اللي اقصده ان احنا كنا هنروح لدكتور كويس عشان حضرتك فلو أمكن نستغل الفرصة ونزور عمتي وأشوف الدكان بالمرة!
ردت عليها أمها بامتعاض
مش وقته يا أسيف!
ألحت هي قائلة بإصرار أشد وهي تمد يدها لتمسك بكفها
صدقيني يا ماما مافيش أحسن من دي فرصة احنا معدتش لينا حاجة هنا تربطنا بالمكان غير البيت دهوبصراحة أنا مش هاتحمل إني أشوفك پتتوجعي قصادي وأفضل ساكتة
سحبت حنان يدها من كفها وردت بجدية صارمة
ربنا يخليكي ليا يا بنتي أنا مش محتاجة حاجة!
عشان خاطري يا ماما الموضوع مش هياخد غير كام يوم وخلاص!
لم تتوقف أسيف عن التشبث برأيها ولم تعدل عنه. اعتبرت المسألة فرصتها
متابعة القراءة