بقلم منال سالم
المحتويات
وقد برزت عروق عنقها المحتقنة من أسلوبها المستفز
أه ازاي بقى تقولي للست دي الكلام ده من غير ما تاخدوا رأيي!!
ردت عليها بجمود غير مبالية بردة فعلها
أديكي عرفتي أهوو جهزي نفسك عشان توقعي الورق وتقبضي يا حلوة!
ثم قربت وجهها منها مضيفة بنبرة مزدرية وهي ترمقها بنظرات احتقارية صريحة متعمدة إھانتها
صدمت أسيف مما تردده على مسامعها واستنكرت بشدة حسمها لمسألة البيع.
رمقتها نيرمين بنظرات أخيرة مستخفة بها قبل أن تتركها في مكانها على حالتها المدهوشة تلك لتعود إلى غرفتها صافقة الباب خلفها بقوة.
ايه اللي بتقوله ده أنا.. أنا أبيع الدكان....!!!!
صف سيارته على مقربة من ذلك المطعم الحديث الذي اتفقا على اللقاء عنده.
جاب بأنظاره المكان بنظرات سريعة شمولية ثم نظر إلى جواره متأملا صغيره بنظرات عميقة.
ماشي يا حبيب بابا خلي بالك من نفسك!
هز يحيى رأسه بالإيجاب مرددا ببراءة
حاضر
تابع دياب تعليماته الصريحة قائلا
واسمع الكلام مش عاوز شكوى من أمك!
ماشي!
عبث دياب بشعر الصغير المتناثر وأحاط رأسه من الخلف بكفه العريض قائلا بسعادة
هات بوسة حلوة
دنا الصغير من أبيه فقبله الأخير وهو يحتضنه بمحبة حقيقة شعر بها تجاهه.
ترجل بعدها يحيى من السيارة حينما رأى والدته مقبلة عليها.
مع السلامة يا يحيى!
بادله الصغير تحية الوداع لكن ذلك لم يمنع ولاء من الاقتراب منه والترحيب به بنفسها.
تغنجت بجسدها بميوعة مفتعلة متعمدة أن تثيره بمفاتنها الأنثوية التي اعتقدت أنها مازلت مغرية وستجعله تحت تأثيرها.
ميرسي انك جبته!
لم ينظر إليها بسبب شعوره بالنفور والتقزز من مجرد التحديق بها.
عبس بوجهه وهو يزيح يدها عن حافة النافذة فانزعجت من تصرفه الوقح تجاهها.
وضع دياب نظارته القاتمة على عينيه قائلا بجمود قاسې
هما يومين بس وهارجع اخده!
شعرت بالضيق لتجاهله لها عمدا فاعتدلت في وقفتها وردت عليه بتجهم
أوكي
أدار محرك سيارته قائلا بإيجاز
سلام!
تابعته بأنظارها المحتقنة منه وهي تكز على أسنانها بشراسة.
أخرجها من حالتها الغاضبة صوت صغيرها متسائلا ببراءة
احنا رايحين فين يا مامي
أجابته بعد تنهيدة مطولة
هانتفسح يا حبيبي!
أحاطت صغيرها من كتفيه وسارت به مبتعدة عن المطعم حتى مرقت إلى طريق جانبي حيث كان ينتظرها هناك سيارة ما.
لمح الصغير جدته فصاح مهللا
تيتة شوشو!
فتحت باب السيارة ليقترب هو منها ثم احتضنها بسعادة.
انهالت عليه بالقبلات قائلة
حبيب قلب تيتة!
أفسحت له شادية المجال ليجلس على حجرها قائلة بود
تعالى في حضڼي يا حبيبي!
جلس الصغير على حجر جدته ذراعيها محاوطة إياه.
أغلقت ولاء الباب خلفه وانحنت للأمام لتستند بكفيها على حافة النافذة الملاصقة لمقعد والدتها لتقول بنبرة آمرة
اسمع كلام تيتة!
نظر لها بغرابة متسائلا بحزن
مش هاتيجي يا مامي معانا
مسحت على وجنته برفق قائلة
لأ يا حبيبي أنا هاحصلكم كمان شوية!
تجهمت تعابير وجهه وهو لا يعي سبب ذهابه مع جدته فقط.
التفتت ولاء بعينيها نحو والدتها مضيفة بجدية
ماما خلي بالك منه مش هوصيكي!
ردت عليها بنبرة واثقة وهي ترمقها بنظرات مٹيرة للقلق
اطمني ده في عينيا روحي انتي بيتك وعلى تليفونات!
هزت رأسها بإيماءة واضحة وهي تردد
ماشي!
اعتدلت في وقفتها ووضعت يدها على شفتيها لتبعث بقبلة في الهواء إلى صغيرها.
قام يحيى بتقليدها وأرسل لها نفس القبلة قائلا
باي يا مامي
لوحت له بعدها بكفها هاتفة
باي باي يا قلبي!!
أشارت شادية إلى السائق بيدها ليتحرك بعدها مبتعدا عن المكان حيث وجهته المجهولة لتبدأ كلتاهما في تنفيذ مخطط تخبئة الصغير واخفائه دون النظر إلى عواقب الأمور...
لم تتخيل أسيف أن ذلك الدكان الذي لم تره مسبقا وفي نفس الوقت تمتلك فيه الحصة الأكبر بحكم أنه إرثها الشرعي قد حسم أمر بيعه دون أن تدري.
تسمرت في مكانها لوهلة مصډومة محاوة استيعاب الموقف.
ودعت عواطف الضيفة بابتسامة لطيفة ولكنها تلاشت سريعا حينما أغلقت الباب خلفها.
نفخت بغيظ مع نفسها فقد وضعتها ابنتها في موقف حرج مع ابنة أخيها الراحل هي لم تفاتحها من قبل في مسألة بيع الدكان أو حتى طرحتها أمامها لكنها تفاجأت بنيرمين تصرح بذلك وكأنه حقيقة واقعة غير
قابلة للنقاش
قدمت قدما وأخرت الأخرى وهي تتجه نحو ابنة أخيها.
رأتها باقية في مكانها في حالة حائرة فزاد قلقها مما هو قادم.
أخذت نفسا عميقا تضبط به انفعالاتها ثم اتجهت صوبها.
وضعت عمتها يدها على كتفها قائلة بحرج
... أسيف يا بنتي
التفتت هي نحوها بوجه عابس مرددة بصوت شبه مخټنق
ممكن تفهميني يا عمتي ايه معنى كلام نيرمين اللي قالته جوا
ابتلعت ريقها قائلة بارتباك ملحوظ
حاضر تعالي معايا في الأوضة وأنا هافهمك!
تبعتها أسيف إلى غرفتها راغبة في معرفة كل شيء.
فرستهالك يا بسومة
قالتها نيرمين بتفاخر وهي تلج إلى الشرفة
عقدت أختها ما بين حاجبيها بإستغراب مرددة بعدم فهم
مين دي
ضغطت نيرمين على شفتيها هاتفة بامتعاض
هو في غيرها أم النكد بنت خالك!
لوحت بسمة في كف يدها قائلة بإشمئزاز
يا شيخة افتكريلنا حاجة عدلة
جلست نيرمين على مقعدها بإسترخاء ولمعت عيناها بوميض شيطاني ماكر ثم هتفت متسائلة بعبث
ها مش عاوزة تعرفي أنا عملت ايه فيها
ردت عليها بسمة وهي تهز كتفيها غير مبالية
لأ خليني أخلص التحضير اللي ورايا!
ثم دققت النظر فيما معها من مفكرة تدون فيها ما ستقوم به خلال يوم الغد في مدرستها.
حركت نيرمين مقعدها بالقرب منها ومالت على أختها متسائلة بفضول وقد زاد بريق نظراتها الغير مريحة
طب بسومة قوليلي انتي هاتروحي عند خالتي جليلة امتى
رفعت بسمة رأسها لترمقها بنظرات غريبة وغامضة وسألتها بجدية
وانتي عملتيها خالتك من امتى
ارتبكت نيرمين لوهلة وفركت أصبع كفيها بقلق وهي ترد
عادي يعني انا بأقولها كده وخلاص!
لم تقتنع بما قالته لكنها لم تكن مهتمة بما يدور في رأسها من أفكار ومخططات فأوخزت في الحديث معها مرددة
أها.. طيب!
عاودت الكتابة مجددا في مفكرتها لكن قاطعتها نيرمين متسائلة بإلحاح
ها مرددتيش عليا هاتروحيلها امتى
زفرت بسمة بضجر وهي تقول
معرفش لسه بأفكر أعتذر عن الدرس الفقر ده من يوم ما روحته وأنا المصاېب نازلة على دماغي!
ارتفع حاجبي نيرمين للأعلى مستنكرة اعتذارها عنه وهتفت محتجة
ليه بس دول ناس كرما و....
قاطعتها بسمة بتبرم وقد تشنجت تعابير وجهها
انتي هاتعملي زي ماما
هزت رأسها نافية متحاشية ثورة ڠضب أختها
لا يا حبيبتي!
ثم مسحت على كتفها برفق مبررة
أنا غرضي مصلحتك
ضجرت بسمة من ثرثرتها في ذلك الموضوع الممل فهتفت مضيفة بإنزعاج
طيب ممكن تسبيني أكمل تحضير!
ابتسمت نيرمين قائلة بتكلف
ماشي بس أما تيجي تروحي تاني ابقي قوليلي!
ردت عليها على مضض
ربنا يسهل!
تقوس فمها بابتسامة ماكرة للغاية وهي تهمس لنفسها بثقة
هيسهل إن شاء الله!
سردت عواطف لأسيف بإختصار كل ما يخص مسألة بيع الدكان من اتفاقات مسبقة بينها وبين الحاج طه وابنيه وأن للموضوع علاقة بتسوية خلاف كبير بين رجال منطقتهم الشعبية. كذلك سيعود البيع بالنفع على الجميع خاصة أن وجوده على وضعه هذا لم يكن مثمرا.
رفضت الأخيرة تلك الفكرة واحتجت قائلة بشراسة وهي تهب واقفة من على طرف الفراش
مش هابيع الدكان! مش هايحصل!!!
ربما يظن الغير أن تمسكها به هو أمر مبالغ فيه لكنه سيظل أخر ما أهداه لها والدها والسبب الرئيسي في قدومها إلى هنا.
هو أكثر ما يربطها بعائلتها البعد بالنسبة لها نفسي أكثر منه مادي...
وقفت عواطف هي الأخرى قبالتها ونظرت لها بحنو قائلة بنبرة شبه متوسلة
ليه بس يا بنتي ده حتى هو مقفول وخړابة وزي قلته يعني محدش مستفيد منه بحاجة!!!
بدت نظراتها قاسېة وهي محدقة بها أغاظها بشدة تبرير الأمر كأنه شيء عادي لا يخصها وهي أحد ملاكه بل من تملك النصيب الأكبر فيه. استنكرت حديثها وصاحت بعصبية
أنا مش هابيعه ازاي تقرروا ده عني!
كانت عواطف تعلم أن ابنة أخيها محقة في جملتها
الأخيرة فقد عرفت بمسألة البيع مصادفة وبالطبع لها كل الحق لأن تغضب وتثور. فلو أخبرت من قبل لم يكن ليبلغ الأمر ذروته..
وضعت هي يدها على ذراعها ومسحت عليه برفق قائلة
هي مش مقصودة والله يا بنتي بس....
قاطعتها أسيف قائلة بنبرة متشنجة وقد احتقنت نظراتها
ده انا حتى ماشوفتش شكله!
ردت عليها بهدوء حذر
ما أنا بأقولك هو خړابة وقديم و...
قبضت أسيف على أصابعها مكورة إياهم بشدة محاولة التحكم في أعصابها قبل أن تنفلت.
الأمر بالنسبة لها يتجاوز كونه مجرد جدران عتيقة ومكان قديم متهالك عفا عليه الزمن.
هي تنظر للأمر من منظور مختلف تماما.. فقد اعتبرته شيئا ثمينا خصه لها والدها بالذات وبالتالي لن تتخلى عنه مهما حدث.
حاولت إيضاج وجهة نظرها قائلة بصوت مخټنق
أرجوكي تفهميني يا عمتي
أشارت لها عواطف بكف يدها قائلة بنبرة عقلانية آملة أن تقنعها
يا بنتي انتي لو شوفتيه هاتغيري رأيك وتقولي أبيعه دلوقتي! إنتي بس مضايقة عشانك مفكرة إن زي الدكاكين والمحلات اللي بتشوفيها!
لم تصغ أسيف لكلمة واحدة مما قالته وتساءلت فجأة بجمود
عمتي فين مفتاح الدكان
قطبت عواطف جبينها متعجبة سؤالها عنه وأجابتها بسجية
معايا في الشتمجية بتاعتي!
سألتها بأدب وهي ترمقها بنظرات غامضة
ممكن تجبهولي
أومأت برأسها قائلة بإمتثال
حاضر
توجهت عمتها بعدها إلى خزانة ملابسها لتفتح إحدى ضلفه ثم انحنت قليلا لتخرج صندوق خشبي من الرف السفلي واعتدلت في وقفتها.
فتحته بحذر وعبث في محتوياته ثم أخرجت منه مفتاحا قديما رفعته أمام وجهها.
وقعت أنظار أسيف عليه ثم مدت كف يدها نحوها وهي تقول
هاتيه يا عمتي بعد اذنك!
وضعته في راحة يدها قائلة
اتفضلي يا بنتي
قبضت أسيف عليه بشدة وكأنها تحوي بين راحتها على كنز ثمين وهتفت مرددة
شكرا يا عمتي
اكتفت الأخيرة بالإبتسام لها ثم أعادت وضع صندوقها في الخزانة.
وقفت إلى جوارها محدقة بها وتابعت قائلة بنبرة هادئة
طيب بصي انتي لو فكرتي بالعقل كده هتلاقي إن احنا لما هنبيعه انتي هايجيلك فلوس كتير و....
قاطعتها أسيف بنبرة حاسمة
يا عمتي أنا مش هابيع الدكان!
أخفضت عواطف رأسها متمتمة من بين شفتيها بإستياء وبنبرة خاڤتة
لا حول ولا قوة إلا بالله طب أفهمها ازاي اننا لازم نبيعه!
عادت جليلة إلى منزلها سعيدة بتلك الزيارة الخفيفة وبالأنباء السارة التي سمعتها هناك.
كان منذر على وشك النزول فأسرعت خلفه متسائلة باهتمام
انت رايح الوكالة
أجابها بجدية وهو يدس هاتفه في جيبه
اه يا أمي في حاجة عاوزاها أبعتهالك
ابتسمت قائلة بود
لأ تسلم يا حبيبي!
وقبل أن يدير هو مقبض الباب ويفتحه هتفت فجأة بنزق وكأنها قد تذكرت شيئا للتو
بالحق قبل ما أنسى أنا اطمنت على موضوع بيع الدكان!
استدار برأسه نحوها قائلا بابتسامة باهتة اعتلت ثغره
طب خير!
أضافت قائلة باهتمام
وشوفت كمان بنت أخو عواطف.. أسيف وعزيتها!
هز رأسه بتفهم فهذا هو سبب زيارتها الرئيسي وهتف متسائلا باقتضاب
أها وأخبارها ايه
ردت عليه بأريحية
كويسة وشها رد كده وبقت أحسن عما
متابعة القراءة