بقلم ندى محمود
المحتويات
والحزن على معالمها وهو تهمس بصوت غير مسموع
أنا آسفة .. آسفة
اماء برأسه لها يرسل إشارة لا بأس بملامح وجه لينة .. فالتفتت هي تجاه عدنان الذي أجاب على
أسمهان بإيجاز
مفيش حاجة ياماما
ثم الټفت برأسه إلى جلنار ورمقها بنظرة ممېتة يغمغم في خفوت مخيف أكثر من نبرة صوته المرتفعة
سمعتي أنا قولت إيه !
في طريقها لسيارته كما قال أو أمرها بمعنى أدق ! .
داخل منزل عدنان تحديدا بغرفتهم بعد مرور ما يقارب الساعة منذ خروجهم من حفل الخطبة .....
إنت شاكك فيا يعني !!
صاح بها في صوت جهوري
أنا مقولتش شاكك فيكي .. أنا سألتك سؤال واضح كنتي بتعملي إيه في الأوضة مع حاتم ياجلنار
جلنار صائحة
متزعقليش فاهم ولا لا .. ده بدل ما تروح تشوف مامتك اللي عملت كدا عن قصد بتزعقلي وتتعصب عليا كأني أنا المذنبة !
جاوبي على السؤال من غير لف ودوران ومتجننيش .. ثم إن إيه دخل ماما في الموضوع !!
ابتسمت بسخرية واجابت عليه مزمجرة
مامتك هي
اللي قالتلي أنها شافت هنا بتدخل الأوضة اللي هناك يعني عشان اروح اشوفها أنا .. وبما إنك جيت ورايا فأكيد هي اللي قالتلك إني دخلت الأوضة طبعا .. يعني من الآخر هي كانت عارفة إن حاتم جوا وعشان كدا اتحججت بهنا وخلتني ادخل وبعدين قالتلك إنت .. عشان تعمل مشكلة وتخليك تشك فيا
كلمها وأسالها لو مش مصدقني
وسرعان ما ارتسمت الابتسامة على ثغرها لتكمل مستنكرة
ولا تكلمها إيه ملوش لزمة .. هتنكر طبعا وهتطلعني أنا الكذابة وإنها بريئة وملاك
عقدت ذراعيها أمام صدره تقف أمامه بثبات وتضع عيناها بعيناه في شجاعة وثقة متمتمة
قولتلك لا
أخذ نفسا عميقا وأخرجه زفيرا متهملا بعد أن هدأ تماما ونيران غيرته المرتفعة انخفضت قليلا .. أردف بصوت خاڤت ومنذرا
طيب ياجلنار .. بس صدقيني لو شفتك مع البني آدم المستفز ده تاني ردة فعلي مش هتكون مسالمة أبدا
ضحكت بصمت في استهزاء وتشفي بعد أن لمست الغيرة الحقيقية في نبرته ونظرته وهدرت تجيب عليه ببرود وتحدي قبل أن تهم بالابتعاد من أمامه
صدقني إنت .. أنا لو شفت حاتم وكلمته تاني فهيكون بس عشان احړق دمك واشفي غليلي منك
قبل أن تخطو خطوة مبتعدة عنه كان يمسكها من ذراعها يوقفها وينحنى على أذنها من الجانب يهمس في نبرة تثير الرعشة في البدن
وماله شوفيه .. بس قبل ما تعملي كدا ابقى افتكري كلامي كويس هاااا
لم يحرك شعرة واحدة منها بل على العكس ازدادت ابتسامتها اتساعا التي اختفت باللحظة التالية فورا بعد أن سحبت ذراعها بحدة هاتفة
ابعد إيدك عني .. واحد مريض
لم يعلق ولم يبدي ردة فعل .. كظم غيظه وبلع اهانتها مجبرا حتى لا ينفعل عليها .. اكتفى فقط بمتابعتها وهي تتركه وتسير نحو الحمام .
رأته يقف عند السيارة ويمسك منديل ورقي بيده يمسح دماء أنفه فتسمرت بأرضها للحظة تتطلع إليه پصدمة وسرعان ما تمكن منها هلعها حيث هرولت إليه شبه راكضة تهتف
حاتم شو صار !
انزل المنديل واجابها بغلظة
مفيش حاجة .. اركبي يلا عشان نمشي
بتلقائية أمسكت بوجهه بين كفيها تمعن النظر به بقلق .. وتهدر بزعر
ليش عم ټنزف .. إنت منيح
انزل يديها بلطف وتمتم بصوت حاول إخراجه لين
كويس يا نادين والله .. يلا بقى
قالت بعناد
خبرني الأول شو صار لك !
حاتم بنظرة صارمة وصوت خشن
نادين مش وقته أنا على أخرى أساسا .. بعدين هقولك
ثم استدار وفتح باب مقعده الخاص حتى يستقل بالسيارة لكنه الټفت برأسه أولا لها فيجدها لا تزال تقف خلفه ترمقه بحيرة .. خرج صوته الرجولي بنظرات حادة
اركبي يانادين !!
تأففت بخنق والټفت حول السيارة لتفتح الباب وتستقل
بالمقعد المجاور له .. هم بأن يحرك محرك السيارة لينطلق بها لكنها اعتدلت في جلستها حتى تصبح في مقابلته تماما ومدت أناملها تلمس برقة جانب أنفه وتهمس باهتمام وعبوس
بټوجعك
لمستها الناعمة جمدته فجعل ينظر لها بسكون لكن عيناه تطلق إشارات الإنذار كدليل على تأثره .. ولوهلة تمنى لو لا تسحب يدها لكنه فاق بسرعة من مفعولها السحرى وأمسك بكفها يهز رأسه بالنفي إجابة على سؤالها وبلا وعي
ينزل بأناملها إلى شفتيه يطبع قبلة ناعمة عليهم وهو يبتسم لها بدفء .
ضړبت صافرات الإنذار في عقلها هي الأخرى فسحبت يدها فورا في ارتباك وخجل ملحوظ بعد قبلته الدافئة .. واعتدلت في جلستها تتطلع أمامها بصمت وتحتضن كفها الذي قبله بين كفها الآخر تخبأه عن عينيه ! .
بعد انتهاء حفل الخطبة .......
تجلس زينة
على أريكة طويلة نسبيا ويجلس هو بجوارها .. كانت جلسة منفردة لهم فقط بعد الحفل .
مرت عشر دقائق حتى الآن وهي مازلت تتأمل المكان من حولها بجمود دون أن تتطلع له حتى أو تتفوه بكلمة واحدة .. فتنهد هو مغلوبا على أمره وانحنى عليها عليها قليلا حتى يجذب انتباهها له هامسا
مبروووك
نظرت له أخيرا فور همسه بالقرب من أذنها وابتسمت باستحياء متمتمة
الله يبارك فيك
رائد بغمزة مشاكسة
عقبال كتب الكتاب ياحبيبتي
تلونت وجنتيها بالون الأحمر وسارعت في تغيير مجرى الحديث حيث قالت بخفوت
مش ناوي تقولي بقى تعرفني من فين
ضحك بخفة وادرف
إنتي لسا فاكرة !!
طبعا ..
لا يمكن انسى ودلوقتي هتقولي يا رائد بيه
تنهد الصعداء بقوة ولا تزال الابتسامة تزين ثغره ثم اعتدل في جلسته ليصبح مواجها لها مباشرة وبدأ في الحديث بهدوء تام ونظرات خبيثة
أنا المدير النرجسي والمستفز !
رددت كلمة نرجسي بين شفتيها بتفكير .. تذكر أنها عملت لفترة وجيزة لدى شركة ترجمة صغيرة وكانت تبغض مديرها دون أن تراه بسبب ما تسمعه من الموظفين عنه وأوامره الصارمة للجميع .
لحظات طويلة مرت حتى أدركت جملة رائد فصاحت پصدمة
إنت بتهزر مش كدا !!
انطلقت منه ضحكة عالية تبعها رده عليها بالنفي
لا مش بهزر .. إنتي متعرفنيش لأني مكنتش ببقى موجود اغلب الوقت ومحدش بيشوفني كتير بس أنا اعرفك أكيد .. وبعدها بفترة ماما لما جات الشغل بالصدفة عندي وشافتك قالتلي إنك بنت طنط ميرفت
رفعت يدها تمسح على وجهها بذهول وهي تجيبه بعدم استيعاب
أنا مش مستوعبة .. وإزاي متقوليش يا رائد ده كله
هتفرق في إيه إنتي سبتي الشغل من بدري .. وأنا كدا كدا كنت ناوي اقولك بس حبيت نصبر شوية لغاية ما تتعرفي عليا اصل لو كنت قولتلك من البداية كنتي ممكن تكرهيني اكتر لمجرد إنك ماخدة الفكرة دي عني
ابتلعت ريقها بإحراج بسيط ثم تطلعت له ببراءة تهمس بنبرة تعتذر قبل أن تهتف بالاعتذار حتى
إنت عرفت منين إني كنت بقول عنك كدا !
غمز لها في مكر ضاحكا وهدر
أنا بعرف كل حاجة فكان طبيعي اعرف اللي بتقوليه عني وحظك إني عرفت بعد ما ماما قالتلي انتي مين وإلا للأسف تصرفي كان هيبقى مش لطيف
زينة بغرور وثقة
أنا أساسا سبت الشغل بنفسي كنت بني آدم لا تطاق من غير ما اشوفك
رفع حاجبه بابتسامة لئيمة ورد عليها مستنكرا في ترقب
ودلوقتي إيه !
حركت رأسها يمينا ويسارا بحركة مترددة تهمس في برود مقصود
عادي لا وحش ولا حلو
لا والله !!!
قهقهت بقوة واردفت مسرعة بعدما لاحظت غيظه من ردها
بهزر .. اكيد اختلفت وجهة نظري عنك يعني .. واتغيرت للأفضل
عادت الابتسامة تزين شفتيه ليقول بمداعبة
بداية مبشرة الحمدلله
بعد مرور ساعات قليلة .....
خرجت من الغرفة متسللة على أطراف أصابع قدمها وبرأسها تتلفت حولها وعيناها تتجول بكل مكان بحثا عنه حتى رأت ضوءا خاڤتا منبعثا من غرفته الخاصة بالعمل .. سارت بحرص أشد دون أن تصدر أي صوت كلص يخشى أن يمسك به صاحب المنزل .
وصلت إلى باب الغرفة .. أمسكت بالمقبض في حذر وتطلعت له خلسة من الخارج فرأته يقف وينحنى على الأدراج يضع بعض الأوراق الخاصة بعمله بها تابعته بعيناها لدقيقة تماما حتى وجدته يغلقهم وينتصب في وقفته مستندا لمغادرة الغرفة .. فتركت المقبض وتراجعت للخلف مسرعة تركض على أطراف اصابعها نحو الغرفة .. دخلت وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل ووقفت خلفه تنتظر وصوله وبالفعل أقل من خمس دقائق سمعت صوت خطواته تقترب من الغرفة وحين أمسك بالمقبض واداره حتى يفتحه لم يفتح .. ظل يعيد الكرة أكثر من مرة ظنا منه أن قفل الباب تعطل .. حتى أتاه صوتها من الداخل وهي تقول
متحاولش أنا قافلة الباب بالمفتاح !
اتسعت عيناه بريبة وهيمن عليه الصمت للحظات حتى رد عليها بعدم فهم
نعم !!!
جلنار بابتسامة متشفية وبحدة تخرجها باحترافية في صوتها الناعم
زي ما سمعت مش هتقعد معايا في نفس الأوضة ياعدنان .. روح نام في أي أوضة تاني أو نام على الكنبة برا
تمالك أعصابه ورد عليها بثبات انفعالي مصطنع
افتحي الباب ياجلنار وبلاش شغل الأطفال ده
صاحت به
من الداخل پغضب
شغل أطفال !!!
عدنان بنبرة محذرة وهو يصر على اسنانه بغيظ
افتحي ومتخلنيش اعلي صوتي والبنت نايمة في الأوضة اللي جمبنا
جلنار ببرود مقصود وهي تضحك بتشفي دون أن يراها
وتعلي صوتك ليه .. أنا قولتلك الحل البيت كبير الحمدلله والأوض كتير
ضړب بقبضة يده القوية على الباب يهتف باسمها مصحوبا بزمجرته
جلنار
فزعت قليلا من ضړبته لكنها لم تبالي وقالت هذه المرة پغضب حقيقي متخلية عن برودها
من هنا ورايح مش هتنام معايا في أوضة واحدة ياعدنان .. إنت في أوضة وأنا في أوضة .. كفاية أوي لغاية كدا
انفعل بشدة فعاد يضرب على الباب من جديد محاولا إخفاض نبرة صوته مما جعله نبرته تخرج متحشرجة بشكل مخيف
هو إيه ده اللي كفاية .. افتحى الزفت ده بدل ما اكسره فوق دماغك
جلنار بإصرار وعناد
مش هفتح واللي عايزه اعمله
كور قبضة يده ورفعها لأعلى في حركة تلقائية كمحاولة شبه بائسة لتمالك انفعالاته ثم رد عليه كاظما غيظه بصعوبة
ماشي ياجلنار لينا كلام الصبح
سمعت صوت خطواته وهي تبتعد عن الغرفة فابتسمت بخبث ثم أصدرت تنهيدة طويلة واتجهت إلى الفراش لتتسطح فوقه وتتدثر بالغطاء مستعدة للنوم .
في صباح اليوم التالي ......
توقفت مهرة أمام مقر الشركة ترفع نظرها لطول ارتفاع البناء وهي
تطلق تنهيدة طويلة .. وصلها الرد بالأمس وحصلت على الموافقة في العمل .. وهاهي في أول يوم لها الآن .
كانت ترتدي بنطال عريض قليلا من اللون الأبيض يعلوه بادي كات وفوقه جاكت جينز من اللون البني .. والحذاء الرياضي المفضل لها ترتديه .. أما شعرها فكانت ترفعه لأعلى وتترك نصفه ينسدل من الخلف ليأخذ شكل التسريحة المشهورة ذيل حصان .
أخذت تسير في فناء الشركة الواسع من الداخل حتى وصلت للمصعد الكهربائي .. وقفت تنتظر المصعد وكان يقف بجوارها آدم الذي لم تلاحظه حين الټفت هو للجانب برأسه ورآها .. امعن النظر بها للحظة مبتسما قبل أن يعود برأسه لوضعها الطبيعي ويتمتم بجدية بسيطة وهو يتفقد ساعة يده
الساعة 9 وربع والمفروض تكوني هنا 9
نظرت له مدهوشة تتساءل متى جاء هذا ! .. فابتسمت بلطافة وغمغمت معتذرة
أسفة .. الطريق كان زحمة شوية .. بس مش هتتكرر تاني
رمقها بطرف عيناه بنظرة غريبة لم تكن صارمة لكنها مريبة .. حتى انفتح باب المصعد فظلت هي واقفة تنتظر أن يدخل هو أولا فوجدته يتنحى جانبا ويبسط يده تجاه المصعد يشير لها بأن
تدخل .. فابتسمت له بطريقتها المرحة المعتادة ودخلت أولا ثم هو بعدها .
تابعته وهو يضغط على رقم الطابق فانحنت عليه بعفوية تهمس في قلق ملحوظ
هو الاسانسير ده آمان
الټفت لها برأسه وهدر بتعجب
آمان إزاي يعني !
هدرت بسرعة تشرح له مقصدها
أصل أنا ركبت اسانسير في مرة وعطل بيا وكنت وحدي ومحدش حس بيا غير بعدها بساعتين .. بس الحمدلله اليوم ده كنت جاية من فرح وكنت مشترية أكل كتير وحلويات فضلت اتسلى عليهم وانا محپوسة لولا كدا كانوا دخلوا لقوني انتقلت لرحمة الله من الخۏف .. بس تع ......
كتم على فمها بيده وهتف بحدة وانفعال بسيط
هشششش ايه راديو !! .. أنا مالي إنتي هتحكيلي قصة حياتك
تطلعت إليه بعينان مضطربة قليلا وانزلت يده تبتسم ببلاهة مغمغمة
على فكرة لسا التشويق جاي أنا محكتلكش لما اشتغل حصل إيه
مش عايز اعرف يامهرة
زمت شفتيها بقرف وردت عليه متذمرة
دي مش اخلاق مديرين على فكرة
لم يعطيها اهتمام وتجاهلها بينما هي فانتبهت للجاكت الذي يرتديه وسرعان ما هدرت بعفوية
بس حلو الجاكت الجلد ده .. تعرف أنا كان معايا واحد زيه بس اااا ....
آدم بغيظ من ثرثرتها الكثيرة
مهرة
ابتلعت بقية الكلمات في جوفها ومطت شفتيها بيأس ومضض ثم اشاحت بوجهها للجانب الآخر وهي تتمتم بصوت غير مسموع
عدو البهجة .. بس يلا هستحمله عشان وسامته
بينما آدم فتأفف بعدم حيلة مغمغما بينه وبين نفسه
أنا اللي جبته لنفسي والله
انفتح باب المصعد وخرج هو أولا .. يسير بخطوات سريعة تجاه مكتبه هرولت هي خلفه تنده عليها بتلقائية
آدم
توقف
على أثر صوتها يسمعها تهتف باسمه لأول مرة .. الټفت لها برأسه فضحكت هي ببلاهة بعدما أدركت ما تفوهت به للتو وغمغمت بخفوت يحمل القليل من الإحراج
بيه !!
تحدثت بجدية وامتنان حقيقي مع ابتسامة صافية فوق ثغرها
شكرا .. يعني إنك وافقت توظفني
رأت ابتسامته اللطيفة تظهر على وجهه أخيرا وهو يوميء برأسه لها كرد على شكرها دون أن يتحدث .. بادلته هي الإبتسامة حتى استدار وأكمل طريقه فاستدارت هي الأخرى
واتجهت لمكان عملها .
تتجول أمامه
متابعة القراءة