اطلال الماضي

موقع أيام نيوز

الفصل العاشر
جلس الى مائدة الطعام الطويلة المذهبة والتي تتسع لاثني عشر فردا يتناول طعام الافطار برفقة والدته رفع رأسه ينظر الى والدته قائلا وهو يلوك الطعام بهدوء
رشا نايمة أكيد صح..
أومأت والدته وهي تضع فنجان الشاي الخزفي الى صحنه الصغير أمامها بد أن ارتشفت بضة قطرات من الشاي المطعم بالريحان المزروع بحديقة القصر وقالت بابتسامة صغيرة

أنت عارف أنها بتحب السهر..
زفر لؤي بضيق وقال بعدم رضا
لكن كدا غلط يا أمي يومها المقلوب دا والشلة اللي هي اتصحابت عليها من النادي كمان مش مرتاح لها مش معقول كل يوم سهر لوش الصبح ولما أتكلم تقولي أصحابي.. أنا مش عاجبني حالها دا..
وضعت دولت التي تجلس الى يمينه فيما يترأس هو المائدة يدها فوق ساعده وقالت بابتسامة محاولة استرضائه
معلهش يا حبيبي.. انت عارف هي أكتر واحدة أتضايقت أد إيه من مسألة رجوعنا من أمريكا وما صدقت بصراحة أنه يكون لها أصحاب وبعدين هي عندها وقت فراغ رهيب هتعمل إيه يعني..
نظر لؤي الى والدته ولم يجبه تبريراتها الواهية لابنتها الأثيرة وقال بجدية
أنا أتحايلت عليها أكتر من مرة أنها تنزل معايا الشركة وتشوف الشغل ماشي ازاي لكن هي اللي مافيش في دماغها غير الخروج والسهر والفسح مع شلتها دي.. 
دولت برجاء
خلاص يا لؤي ما تضايقش نفسك انت طيش بنات يا حبيبي لكن أنا متأكدة أنها هتزهق وتيجي لغاية عندك بنفسها وتقولك انها عاوزة تشتغل معاك يعني انت مش عارف اختك... بتزهق بسرعة..
زفر لؤي بضيق وأومأ قائلا وهو يمسح فمه بفوطة المائدة الصغيرة
OK يا أمي.. لما نشوف عن إذنك عشان أتأخرت...
ونهض لتوقفه هاتفة بحماس
بقولك يا لؤي عاوزة أعزم طنط كريمة وندى وعز بيه على الغدا... عشان نرد لهم عزومتهم الجمعة الجاية باباك هيكون هنا إيه رأيك.. أظن الجمعة أجازة وما عندكش حجة بقه..
هز لؤي رأسه بإذعان وأجاب بيأس
حاضر يا أمي... هحاول أفضي نفسي اليوم دا ولو أنه صعب أنتي عارفة أنه الشركة بتجدد نشاطها في السوق ومافيش عندي أجازات لكن عشان خاطرك هحاول... 
ومال عليها مقبلا رأسها قبل أن يتناول حقيبته الجلدية الفاخرة منصرفا حيث ينتظره سائقه أمام سيارة مرسيدس سوداء فاتحا بابها الخلفي ليناوله الحقيبة ويصعد الى السيارة فيغلق السائق الباب خلفه ويسرع ليصعد بدوره الى مقعد السائق واضعا حقيبة سيده على المقعد بجواره منطلقا الى الشركة التي تقع في ذلك المبنى الفخم الذي يتعدى الثلاثون طابقا يكاد يقارب السحاب.. 
مرت ثلاثة أيام على الليلة التي سقطت فيها رنا ليأتيها بدلا من الطبيب خمس أطباء من أمهر أطباء البلد التزمت أمها في هذه الأيام الصمت التام بينما تطالعها بنظرات صامتة تحمل في طياتها لوم وعتاب و... خيبة أمل واضحة!!!!...
زفرت رنا التي كانت تجلس الى مكتبها فقد آثرت العودة الى العمل كي ټدفن فيها نفسها محاولة التنفيس عن ڠضبها من حالة البرود والجمود التي تكتنف أبويها منذ أن فجرت مفاجأة خطبة شاهين لأمها وموافقتها على الزواج بكريم هزت برأسها لتنفض عنها شرودها وتشاغلت بالأوراق أمامها حين تعالى صوت ندى من جهاز الاتصال الداخلي يطلب حضورها لتنهض وتتجه الى مكتب الأخيرة عبر الواصل بينهما طرقت الباب ودلفت الى الداخل وتقدمت حيث تقبع ندى خلف مكتبها الخشبي الأملس الكبير كانت ندى تنظر الى شاشة الحاسوب أمامها لتقول وعينيها مسلطتان على ما تعرضه الشاشة أمامها
عملتي إيه يا رنا في حجز الفندق للديفيليه عشان عرض الأزياء بتاعنا.. 
رنا بمهنية صرفة
فيه كذا عرض بنحاول نختار الأنسب منهم مستنية رأي مستر غسان أنت عارفة هو اللي هيقرر دي حاجة في صميم وظيفته هنا..
ندى وهي تبعد وجهها عن شاشة الحاسوب
تمام... الأزياء اللي هتتعرض كلها جاهزة تقريبا عاوزة أكبر حملة دعاية واعلان للديفيليه دا في كل مكان اذاعة وتلفزيون وفضائيات عاوزين ننزل بتقلنا كله..
رنا بهدوء
أعتقد أنه مستر غسان اتفاهم في النقطة دي مع وكالة الاعلان اللي بنتعامل معها فعلا..
رفعت ندى رأسها لتنظر الى صديقتها الشاحبة وقد ظهرت الهالات السوداء أسفل عينيها بوضوح دليل على مدى سوء حالتها النفسية التي تمر بها في الوقت الراهن لتنهض من مكانها وتتجه اليها وتقف أمامها وتقول بابتسامة صغيرة وقد تبدلت نبرتها من الرئيسة الى الصديقة
أخبارك إيه.. طنط فريدة عاملة إيه دلوقتي..
زفرت رنا پاختناق ومسحت على وجهها بأصابعها النحيلة وهمست تجيب بيأس
لسه مقاطعاني مش بتكلمني خالص تلات أيام من يوم اللي حصل وكأننا اتنين أغراب عايشين تحت سقف واحد..
دفعتها ندى بخفة لتتجها الى جلسة جانبية فجلستا متجاورتين الى الصوفا الجلدية السوداء قبل أن تجيبها بحزن على ما آل اليه حال صديقتها
معلهش يا روني الموضوع كان صعب أوي عليها وانت عارفة طنط فريدة طيبة أوي ومش هتقدر تخاصمك كتير.. بس بصراحة يا رنا أنت غلطت جامد أنا مصدقتش اللي وقفتي تقوليه قودام الكل... إزاي تجرحيها وتحرجيها بالشكل دا.. أنا من يومها ومش عاوزة أفتح معاكي الموضوع خصوصا لما لاقيتك نازلة الشغل من تاني يوم قلت أسيبك لغاية ما تهدي خالص وبعدين نتكلم أنت غلطت.. مامتك ما أجرمتش أنها عاوزة تعيش حياتها ليه تحرميها من حقها دا.. في الوقت اللي باباكي عايش وبنى فعلا حياة جديدة له مع واحدة تانية وعنده أطفال منها كمان... طنط فريدة ما تستاهلش منك كدا!!!...
لتهتف رنا ببؤس وعينيها مغرورقتان بدموع ماسية
يعني أنا اللي استاهل يا ندى.. ليه كل واحد فيهم بيبص لنفسه وبس وناسيين بنتهم خالص!!... أنا عارفة أن كلامك كله صح... لكن أنا من حقي أني أصرخ وأقول لأ وأدبدب برجليا في الأرض كمان!!... تعبت يا ندى تعبت من كتر العقل اللي أنا فيه..
وانسابت دموعها صامتة ټغرق وجنتيها فلم تستطع ندى كبت دموها التي انسابت بدورها تشارك صديقتها بؤسها فيما أردفت الأخيرة وهي تشير الى نفسها
عارفة أني غلطت وأنه مش من حقي أني أحجر على حريتها وأنها من حقها أنها تعيش حياتها لكن أنا كمان من حقي أني أعيش وسط أبويا وأمي لمرة واحدة أكون أنانية في حقي دا لو هما اتطلقوا عشان خاطري زي ما بيقولوا وعشان ما أكبرش وسط أب وأم فقدوا احترامهم لبعض وأكون معقدة نفسيا من الحياة اللي كانت كلها خلافات بينهم وأساسا الخلاف سببه واحد كل مرة.. الغيرة الچنونية لو هما انفصلوا عشاني يبقى يرجعوا عشاني!!!.. محدش فيهم خد رأيي في الأول مع أني طرف في حياتهم هما الاتنين وطرف مهم أوي كمان لأنه أي قرار بياخدوا أنا اللي بتحمل تبعاته أكتر من أي واحد فيهم أنا قلت لهم يومها بعد ما أنتم مشيتوا قلت لهم لو كنتم سيبتوا بعض في الأول عشاني أنا بطلب منكم دلوقتي أنكم ترجعوا عشاني يا كدا.. يا إما من حقي أنا كمان أني أشوف حياتي حتى لو مع أنسان أنتم مش مقتنعين بيه لأنه واضح كدا أنه مافيش معيار ثابت لاستمرار الجواز
 

تم نسخ الرابط