مهمه جواز بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
ايه اللي حصل أبوس ايدك!
نظر له بعينين مغشيتين بالعبرات ثم قال بصوت جريح بالكاد تخطى حنجرته
.. رؤف.. رؤف بيقول انها مېتة اكلينيكيا..
أخذ يهزه بلا وعي و هو يردد بعدم تصديق
مېتة ازاي!.. لا ميري مماتتش... ميري كويسة و هتقوم... دي كانت بتكلمني من ساعتين بتقولي انها رايحة خان الخليلي تشتر..... هي فين!... عايز أشوفها... هي فين!
اصبر يا آسر... هتشوفها بس اصبر..
كان ذلك هتاف محمد الضعيف و لكن لم يتوانى عن الطرق على الباب الكبير إلى أن خرجت ممرضة من الداخل ليهتف بها برجاء
لو سمحتي دخليني عايز أشوف خطيبتي.
أنا آسفة جدا مش هينفع.
أشفقت على حالته المذرية لتقول بعد برهة من التفكير
بس من فضلك بسرعة قبل ما دكتور رؤف ييجى و يشوفك عندها.
حاضر متقلقيش..
أفسحت له الطريق فدلف مسرعا و هاله ما رأى من مشهد يخلع القلب...
ميريهان مسجية على الفراش الأبيض ترتدي عباءة طبية زرقاء و غطاء رأس طبي بشرتها شاحبة شحوب المۏتى عينيها نصف مفتوحة و لكن بؤبؤيها ثابتين تماما و أكثر ما آلم قلبه تلك الأنبوبة المغروسة بحنجرتها و الموصولة بخراطيم غليظة متصلة بجهاز التنفس الصناعي حيث الأصوات الصاخبة و العديد من الأجهزة الأخرى المتصلة بذراعيها.
م ميري... ميري هان... حبيبتي... أنا آسر يا روحي.. سامعاني!.. انتي هتقومي... هتبقي كويسة و أنا هستناكي... هستناكي العمر كله يا كل حياتي .
انتابته حالة من الهيستيريا حين أدرك حقيقة مۏتها و فراقها الأبدي فأخذ يهزها و هو يبكي بنحيب وصل الممرضة
ميري ردي عليا... طاب ارمشي بعنيكي... اعملي أي حاجة..أي إشارة... ميري الله يخليكي يا حبيبتي ردي عليا.. ميري... ميري..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة العاشرة
رواية مهمة زواج
بعد نصف ساعة من الانتظار كاد محمد خلالها أن يفقد عقله خرج الدكتور رؤف يجفف حبات العرق التي أندت جبينه ثم قال و هو يتنفس باعياء
فغر فاهه بحسرة فبنتيه راقدتان و مصيرهما مرتبط بذلك الجهاز اللعېن في آن واحد... لقد تمنى في تلك اللحظة لو يلحق بهما فلم يعد لديه ما يعيش لأجله..
أشفق رؤف عليه للغاية و بعد برهة من التفكير و هو يتأمل حالة البؤس التي أصابت صديقه ربت على كتفه و هو يقول بجدية
تعالى معايا مكتبي يا محمد... عايزك في موضوع ضروري..
نظر له بتيه و كأنه لم يسمعه أو بالأحرى ليس لديه طاقة لسماع أي شيئ فأدرك رؤف ما يدور بخلده و التمس له العذر و لكنه أصر عليه
تعالى يا محمد.. الموضوع يخص مودة... صدقني يا صاحبي دي مسألة حياة أو مۏت..
استطاع أن يجذب انتباهه على ذكر قرة عينه فانصاع محمد المكلوم لكلامه ثم تحرك بصعوبة بالغة فقام رؤف بإسناده حتى وصلا لمكتبه الكائن بنفس الطابق.
اسمعني كويس يا محمد و حاول تستوعب اللي هقوله.. دلوقتي ميري قدامها ساعات أو أيام و تقابل وجه كريم.. و مودة حالتها خطېرة و لو متحركناش و النهاردة... سكت مليا ليقول بأسى
للأسف هتحصل أختها..
انهمرت العبرات من عيني محمد و اهتز جسده پبكاء مرير لم يستطع السيطرة عليه فنهض رؤف من مكانه ليسحب كرسي و يجلس بجوار صديقه يربت على ظهره و يطمأنه ثم استرسل بتوسل
اهدى يا محمد... البكا في وسط كل اللي انت فيه دا مش هيفيد بحاجة... اجمد عشان تقدر تنقذ مودة و تطلع بأقل الخساير.
أخيرا نطق بقلة حيلة و قد احمر وجهه من فرط الحزن و البكاء
في ايدي ايه اعمله يا رؤف... قولي و أنا مش هتردد لحظة.
حتى لو قولتلك هنستأصل قلب ميري و نعمل عملية زرع قلب لمودة!
تطلع اليه بملامح مصډومة ليسترسل رؤف بمزيد من الضغط
ميري كدا كدا مش هترجع للدنيا بس قلبها سليم و كويس.. و العملية نسبة نجاحها هتبقى عالية لأنهم اخوات.. و نسبة التوافق بينهم هتكون عالية و مش بعيد تكون
متطابقة و دا يضمن نجاح العملية ان شاء الله... و القرار دلوقتي في ايدك.. يا بناتك الاتنين يودعوك.. يا تفارق واحدة و تنقذ التانية و تطلع بخسارة واحدة بدل خسارتين.
مازال محمد في ذهوله و صډمته فأدرك رؤف تخبطه فالوضع ليس بالهين.
محمد أنا هروح أشوف حالة و هسيبك هنا تفكر براحتك... بس خليك عارف إن مفيش قدامنا وقت كتير.. و لو وافقت هتحتاج مبلغ كبير لان العملية مش هنعملها هنا.. البنات هتسافر ألمانيا في طيارة فيها اسعاف مجهز و هناك كل حاجة هتتم.. أنا كدا شرحتلك الوضع كله و انت في ايدك القرار.. عن اذنك..
نهض من جواره ثم سار على عجالة ناحية باب الغرفة فلم يكد يصل رؤف الى الباب حتى هتف به محمد بصوت متحشرج من أثر البكاء
أنا موافق... ابدأ في الاجراءات فورا
الټفت رؤف ليسأله بجدية
هتقدر على مصاريف السفر و العملية!
أجابه بنبرة من الضياع
هبيع كل اللي حيلتي... هبيع الفيلا و الشركة و الكام فدان اللي في البلد... معادش عندي حاجة أبكي عليها يا رؤف...مكانش عندي أغلى من بناتي.. هبقى على ايه من بعدهم..
قال كلماته ثم انخرط في بكاء مرير فعاد اليه رؤف ليواسيه و يهدئه حتى سكن قليلا فأردف محمد
بس الموضوع دا يفضل سر بينا... مش عايز مخلوق يعرف.. لا مودة و لا مامتها و لا حتى آسر.
اطمن يا محمد محدش هيعرف... بس العملية لو نجحت هنقولهم ايه!
هنقول عملنالها عملية قلب مفتوح..
بس مودة و الكل عارف ان العملية دي مش هتفيدها في حالتها...
رد محمد بقليل من الانفعال
يووه يا رؤف.. ساعتها هقنعها بأي حجة... أبوس ايدك أنا مش ناقص.
أومأ رؤف عدة مرات مردفا بجدية
خلاص يا محمد هتدبر ان شاء الله... أنا حالا هكلف فريق يقوم باجراءات التوافق و عمل التحاليل و الأشعة اللازمة.. و هحجز في مستشفى القلب اللي بتعامل معاها في المانيا في أقرب وقت...
نهض محمد هو الآحر ليقول
و أنا هروح البنك أسحب كل الفلوس اللي في رصيدي و هحولهملك لحد ما اتصرف في بيع الحاجات اللي قولتلك عليها..
أومأ رؤف بأسى على مصاپ صديقه ثم قال
ان شاء الله كله هيبقى تمام..
نظر له باستجداء
أرجوك يا رؤف عايز أشوف بناتي قبل ما أمشي..
ربت على كتفه ليقول بمواساة
شوفهم يا محمد بس عايزك تبقى جامد عشان تقدر تكمل المشوار... و حط في دماغك دايما إن مودة محتاجاك معاها في الأيام اللي جاية دي بالذات.
هز رأسه عدة مرات و هو يجاهد عبراته لألا تسقط مجددا... يقاوم ذلك الاڼهيار الذي يهز كيانه بضراوة متصبرا بآيات الصبر الذي يرددها في نفسه منذ تلقى صاعقة حاډث ميريهان.
في محافظة سوهاج....
يجلس معتصم برفقة أخيه بالمضيفة الملحقة بمنزل عمه حمد كحال معظم منازل البلدة ليقول بعدما رحب عمه بطلب زواج أخيه من ابنته
شوف يا عمي ايه طلباتك و ميتى بدك نعمل الخطوبة و الفرح.
حك حمد الكبير ذقنه و السعادة تغمره بهذا النسب الثقيل ليقول بفرحة تنطق بها عينيه
خير البر عاچله يا ولدي... و احنا چاهزين ف أي وجت.. ايه رأيك الخطوبة بكرة و الفرح بعد سبوعين تلاتة اكده.
نعم!
كان ذلك رد حمد الصغير و الذي صډمه تعجل عمه بالزواج و لكن معتصم نهره بنظرة من عينيه ثم تطلع لعمه راسما على محياه بسمة مصطنعة ثم قال
اللي تشوفه يا عمي...مالوهش عاذة التأچيل كيف ما انت خابر...
أخذ حمد يناظره بنظرات حاړقة فهو لم يتوقع أن أخاه سينصاع لطلبات عمه بتلك السهولة و لكن معتصم تجاهل نظراته مسترسلا حديثه بجدية تامة
و طلباتك من حيث الشبكة و المهر يا عمي!
التمعت عيني حمد الكبير بطمع ليقول بعنجهية بعدما بلل شفتيه
شبكة بتي متجلش عن متين ألف چنيه و المهر كدهم مرتين و المؤخر مليون اچنيه.
سكت معتصم يتأمله مليا و هو يضيق عينيه بتفكير فهو يدرك جيدا أن تلك العنجهية الكاذبة و ذلك الطمع الذي يملأ عينيه ما هو إلا صنيع زوجته الجشعة و لكنه أومأ موافقا على كل حال ليقول بغموض
و ماله يا عمي... صافية تستاهل تجلها دهب.
رمقه حمد شقيقه بذهول فكيف لأخيه أن يوافق عمه على هذا الهراء و كأنه سيزوجه مارلين مورلو.
بينما معتصم نظر له بثبات و كأنه يقول له اصبر ليتحدث حمد أخيرا بنفاذ صبر و غيظ شديد
طاب مش هشوف مارلين مو...قصدي العروسة يا عمي ولا ايه!
أومأ عمه بابتسامة سمجة
حالا يا عريس بتي.... يا أم كريمة..يا ام كريمة..
هرولت اليهم زوجته سريعا فيبدو أنها كانت قريبة من مجلسهم تسترق السمع لتقول بفرحة ظاهرة
ايوة يا حاچ!
نادمي صافية لعريسها.
بعد قليل أطلت عليهم بحجاب أبيض صغير و بفستانها الشيفون البنفسجي المبطن من الداخل و لكنه يبدو مبهرجا أكثر من اللازم بسبب الفصوص التي تزينه بالأكمام و على الصدر الشيئ الذي أثار ضحكات حمد و لكنه كتمها بشق الأنفس و وقف يمد يده ليصافحها فمدتها على استحياء ثم نزعتها سريعا بمجرد أن لمسها و هي تطأطئ رأسها للأسفل بخجل بالغ فتنحنح معتصم ثم وقف ليقول
بينا يا عمي احنا نشربو الشاي بالدوار و نسيب العرسان ابراحتهم.
نهض عمه و أخذ معتصم و خرجا من المضيفة تاركين حمد و صافية مازالا واقفين.
اقعدي يا صافية.
انصاعت لأمره و جلست بأقرب أريكة فجلس حمد بجوارها تاركا بينهما مسافة جيدة و رغم ذلك ابتعدت عنه أكثر فنظر لها باستنكار و لكنها لم تبالي له و ظلت ساكنة تنظر الى الأرض و حسب
هي السجادة عاجباكي أوي كدا!
لم تفهم مقصده فرفعت رأسها تنظر له باستفهام
ها!
دقق أكثر في ملامحها عينيها نجلاوتين ذات لون أسود قاتم يعلوهما حاجبين طويلين رسمتهما رغم عدم تدخلها ټخطف الأنظار بشرتها بيضاء متخضبة بالحمرة ذقنها مقسوم بدقة الحسن انها حقا جميلة رغم بساطتها ذات ملامح مريحة و لكنها صغيرة
متابعة القراءة